اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بينما يكافح الأطفال الخدّج للبقاء على قيد الحياة، تعاني الفرق الطبية في غزة من نقص حاد في المعدات الأساسية مثل أجهزة التصوير بالأشعة الصوتية وحواضن الأطفال والإمدادات الطبية، وحتى الحليب المخصّص للأطفال للمولودين قبل أوانهم، وهو ما يجعل إنقاذ حياتهم تحديًا يوميًا. من مستشفى الحلو في شمال غزة الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود، تروي الدكتورة جوان بيري تجربتها في رعاية الأطفال الخدّج داخل وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة.

وتقول، "في البداية، كان طفلان يشتركان في حاضنة واحدة، وهذا بحد ذاته واقع صادم وغير مقبول. ثم ارتفع العدد إلى ثلاثة، وفي الأسبوع الماضي رأينا خمسة أطفال يتشاركون حاضنة واحدة. ومع كل الهجمات على مرافق الرعاية الصحية، لم يتبقَّ اليوم سوى 36 حاضنة في شمال غزة، بعدما كان عددها 126 حاضنة قبل تشرين الأول 2023".

يزداد خطر الإصابة بالعدوى بشكل كبير عندما يتشارك عدة أطفال حاضنة واحدة، خاصة أن أجهزة المناعة لديهم، وخصوصًا الخدّج، لم تنضج بعد. ولدعم النمو العصبي للأطفال المولودين قبل أوانهم، يستخدم الفريق الطبي بطانيات ملفوفة أو مواد ناعمة لتشكيل حاجز يحيط بالرضيع بهدف محاكاة البيئة الحامية في رحم الأم. ويُطلق على هذه الطريقة اسم "تقنية التعشيش". يساعد هذا الوضع على تثبيت وضعية الطفل ويقلل من حركات أطرافه الزائدة ويُعزز استقراره الجسدي والسلوكي.

يمكن أن يُعزى ارتفاع عدد حالات الولادة المبكرة إلى تدهور صحة الأمهات. هذه زيارتي الثالثة إلى غزة خلال العام، وما يختلف هذه المرة هو أن عددًا كبيرًا من النساء الحوامل يعانين من نقص حاد في الوزن وفقر دم شديد، مما يزيد من احتمالية تعرّضهن لمضاعفات أثناء الحمل، مثل الولادة المبكرة. تعيش النساء الحوامل في ظروف مأسوية داخل ملاجئ أو خيام مكتظة، حيث يكاد ينعدم الوصول إلى مياه نظيفة. كما تُحرم الكثيرات من الحصول على رعاية ما قبل الولادة بسبب قلة المرافق الصحية العاملة والنزوح المتكرر. ونتيجة لذلك، لا تُكتشف حالات الحمل الخطر في كثير من الأحيان إلا بعد ظهور المضاعفات، وأحيانًا، بعد فوات الأوان.

نشهد حالات ولادة مبكرة وأطفالًا يولدون بمشاكل صحية كان من الممكن تفاديها لو توافرت حتى أبسط أدوات المتابعة الطبية، مثل تشخيص الالتهاب الرئوي أو بعض التشوهات القلبية، وهي حالات يمكن معالجتها بنجاح. لكن في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، نفتقر إلى المعدات الأساسية، فلا أجهزة تصوير بالأمواج فوق الصوتية، ولا أجهزة أشعة، كما لا تتوافر غالبًا تحاليل الدم التي نحتاج اليها حتى.

يواجه الفريق الطبي في مستشفى الحلو تحديات لا تنتهي يوميًا، وتأتي أزمة الوقود على رأس هذه التحديات، إذ تعتمد جميع مستشفيات غزة على مولدات الديزل لتشغيلها. يؤدي نقص الوقود إلى انقطاع الكهرباء، ما يتسبب بوفاة المواليد الجدد الذين يعتمدون على الأوكسجين في وحدة العناية المركزة. وللأسف، فقدنا في مساء يوم الاثنين الموافق 14 تموز 2025 رضيعًا بعد انقطاع التيار الكهربائي الذي أدّى إلى توقف الأوكسجين، علمًا أنّ إنقاذه كان ممكنًا.

كما يشكّل نقص المستلزمات تحديًا كبيرًا آخر. فالموارد شحيحة إلى حدّ أننا نضطر إلى إطالة الفترات بين تغييرات الحفاضات، ما قد يؤدي إلى إصابة الأطفال بالطفح الجلدي. كما أننا نواجه خطر نفاد حليب الأطفال باستمرار. نشجّع على الرضاعة الطبيعية، ونفخر بكوننا مستشفى صديقًا للرضاعة. لكن في هذا الوضع، لا تتمكن العديد من الأمهات من البقاء لإرضاع أطفالهن كل بضع ساعات، فعليهن الاهتمام ببقية أفراد الأسرة، أو لا يملكن المال اللازم للتنقّل ويضطررن للسير لساعات ذهابًا وإيابًا.

الوضع مفجع. من المفترض أن تكون ولادة الطفل لحظة فرح وأمل، لكنها اليوم، بالنسبة لعدد هائل من العائلات في غزة، مثقلة بالقلق والخوف. ورغم كل التحديات، يواصل الفريق الطبي عمله بروح واحدة، وبإمكانات محدودة، لتقديم أفضل رعاية ممكنة لهؤلاء المواليد الجدد. 

الأكثر قراءة

الأنظار الى <جلسة الثلاثاء> و<الحزب> مُلتزم بالحوار مع الرئيس عون قادة حزبيون هددوا بتفجير الشارع: الاصبع على الزناد قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً بإسرائيل والبلد معرض لخطر وجودي من إســرائيل وداعــش