في خضم التحركات السياسية التي تشهدها الساحة اللبنانية، لا زال ملف سلاح المقاومة في واجهة النقاش، في ضوء الاتصالات المتواصلة بين قوى سياسية بارزة، وعلى رأسها "القوات اللبنانية" و"الكتائب" والمعارضة السابقة وقيادات أخرى من الصف الأول، تهدف إلى بلورة موقف سياسي موحد يضع خريطة طريق لبحث هذا الملف، انسجاما مع التوجهات الأميركية، التي تعتبر أن الاستقرار في لبنان يمر عبر حصر السلاح بيد الدولة.
هذه الاتصالات التي تتكثف في الظل، بحسب مصادر مطلعة، تعكس توجّها لدى بعض القوى نحو وضع رزنامة تنفيذية تتناول مسألة السلاح، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى إلغاء دوره. لكن هذه المقاربة تثير مخاوف مشروعة لدى شرائح واسعة من اللبنانيين، لا سيما في ضوء تجربة القرار الحكومي الذي اتُخذ في 5 أيار 2008، عندما بادرت الحكومة آنذاك إلى اتخاذ خطوات طاولت شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة. يومها، اعتُبر القرار بمثابة استفزاز مباشر، فاندلعت أحداث 7 أيار التي غيّرت المشهد السياسي، وأفضت إلى إعادة تشكيل السلطة في إطار تسوية إقليمية أُنجزت في الدوحة.
من هذا المنطلق، تعتبر المصادر أن المقارنة بين ما يجري اليوم وتلك المرحلة السابقة مبررة. فالسياقات الإقليمية لا تزال ضاغطة، والأطراف الخارجية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تضغط باتجاه إعادة ترتيب التوازنات في لبنان، ضمن مسار أوسع لإعادة هيكلة الأدوار في الشرق الأوسط بعد التطورات الأخيرة، لاسيما في غزة وسوريا. وهو ما يضع هذا النقاش في دائرة تأثيرات خارجية، لا يمكن تجاهلها عند مقاربة أي قرار مفصلي.
كما ترى المصادر انه بالنسبة إلى القوى التي تقود هذا المسار، فإن استمرار وجود السلاح خارج إطار القوى الأمنية الرسمية، يُبقي الدولة في وضعية حرجة، ويفتح الباب أمام أزمات سياسية وأمنية متكررة. وتعتبر المصادر أن أي إصلاح جدي في بنية الدولة، لا يمكن أن يتحقق من دون معالجة هذا الملف، وترى في اللحظة الإقليمية الراهنة فرصة للضغط باتجاه تغيير المعادلة القائمة، تمهيدا لمرحلة جديدة من التوازنات الداخلية.
في المقابل، ترى شخصية نيابية وسطية في اتصال مع "الديار" أن توقيت طرح هذا الملف لا يبدو مناسبا، دون ان يقوم الأميركي بتقديم اي ضمانات، كما ان لهكذا خطوة ارتدادات كبيرة على مستوى الاستقرار الداخلي، في ضوء تعقيدات المشهد الإقليمي. وتُحذر هذه الشخصية من فتح النقاش حول السلاح خارج إطار توافق وطني شامل، لما قد يحمله من مخاطر على السلم الأهلي، مستذكرة ما جرى في عام 2008، حين أدى قرار أحادي إلى مواجهات ميدانية واسعة، غيّرت موازين القوى وأخذت البلاد الى ما أصبح يعرف باتفاق الدوحة.
وترى هذه الشخصية النيابية أن أي نقاش حول سلاح المقاومة، لا يمكن فصله عن دوره المركزي في التاريخ اللبناني الحديث، سواء في تحرير الجنوب من الاحتلال "الإسرائيلي"، أو في التصدي للعدوانات المتكررة، كما في حماية لبنان من خطر الإرهاب، لا سيما حين وقفت المقاومة جنبا إلى جنب مع الجيش اللبناني، في معارك شرسة ضد تنظيمات إرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" في جرود عرسال، وامتدادها الحدودي في البقاع الشمالي. فقد شكّلت تلك المواجهات محطة مفصلية في الدفاع عن السيادة الوطنية، ومنعت الجماعات المتطرفة من السيطرة على مناطق لبنانية حساسة كانت مهددة بالسقوط، وهو ما يعزز، برأي الشخصية النيابية، ضرورة التعامل مع هذا الملف بحذر شديد، وتقدير عميق لتعقيداته وتاريخه وتبعات أي خطوة غير محسوبة فيه، خاصة بعد الذي جرى في الساحل السوري والسويداء بحق الاقليات العلوية والدرزية.
في خضم هذا الانقسام العميق الذي يطغى على المشهد السياسي في البلاد، يؤكد نائب وسطي على الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية جوزيف عون كمرجعية جامعة، تؤمن بأن السبيل الوحيد لعبور لبنان إلى مرحلة أكثر استقرارا هو الحوار الصادق والتوافق، والطاولة المستديرة التي تجمع مختلف المكوّنات حول رؤية وطنية مشتركة. فالرئيس بمقاربته المعتدلة، وحرصه على ضمان حقوق جميع المكوّنات اللبنانية دون استثناء، يشكّل صمّام أمان حقيقي في وجه محاولات الانزلاق، نحو مواجهة داخلية لا أحد يضمن مسارها أو مآلاتها. فالتاريخ أثبت أن إشعال نار الفتنة، سواء كانت قصيرة أم طويلة الأمد، أمر سهل، لكن السيطرة عليها أو إطفاءها غالبا ما يكون مكلفا ومؤلما.
يتم قراءة الآن
-
عون في مُواجهة المخاطر: اشهد اني قد بلّغت لبنان بين خطابين... تباين لكن لا صدام داخلي إسرائيل تصعد...واتصالات لمنع انفجار الحكومة
-
هل تغزو الفصائل السوريّة البقاع؟
-
جهد رئاسي للوصول الى صيغة توافقيّة لحصريّة السلاح... وإلّا المجهول؟ حزب الله يزور عون في الرابية الاثنين... ولقاء قريب مع جنبلاط الانتخابات النيابيّة مفصليّة: الحريريّون باشروا التحضيرات... وتحالف «الاشتراكي» و«القوات»
-
الطفلة التي حاورت زياد قبل 29 عاماً: "منحبّك كتير بلا ولا شي"...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:47
الجيش اللبناني: ما بين الساعة 10.45 والساعة 16.00، ستقوم وحدة من الجيش بتفجير ذخائر غير منفجرة في حقل الدامور – الشوف".
-
10:39
"التحكم المروري":حركة المرور كثيفة من ذوق مكايل جونيه حتى مفرق غزير
-
10:32
النائب ابراهيم كنعان للـ LBCI: تبلّغت رسمياً من موفد الرئيس الفرنسي أن قانون اصلاح المصارف كما قانون السرية المصرفية قبله والانتظام المالي واسترداد الودائع شرط أساسي لعملية التعامل مع لبنان وتنظيم مؤتمر الدول المانحة للبنان في الخريف المقبل
-
10:26
استطلاع لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية: 61% من الإسرائيليين قلقون من السفر إلى دول الإتحاد الأوروبي خشية التعرض لاعتداءات
-
09:56
"يسرائيل هيوم": بعض المواقع الإسرائيلية توقفت إثر الهجوم السيبراني وأخرى نشرت فيها رسائل سياسية
-
09:55
"يسرائيل هيوم": تعرض مواقع رياضية إسرائيلية معروفة لهجوم سيبراني واسع مصدره قطاع غزة
