اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا يُعد الصداع من الأعراض الغريبة أو النادرة؛ فهو من الشكاوى الصحية الأكثر شيوعا، وتختلف أسبابه بين الإرهاق، التوتر، قلة النوم، أو حتى الجفاف. لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن بعض أنواع الصداع، وخاصة الصداع المفاجئ أو المختلف عن النمط المعتاد، قد يكون إشارة تحذيرية مبكرة لحالة صحية خطيرة تُعرف باسم النزيف الدماغي أو السكتة النزفية، والتي قد تُهدد الحياة في حال إهمالها.

الصداع الذي يُعد مؤشرا خطيرا عادة ما يظهر بشكل مفاجئ، ويكون حادا للغاية، لدرجة أن المريض يصفه بـ"أسوأ صداع في حياته". قد يكون هذا الصداع مصحوبا بأعراض إضافية مثل: فقدان الوعي، ضعف في الأطراف، صعوبة في النطق أو الرؤية، غثيان، قيء مفاجئ، أو تشنجات. في بعض الحالات، قد يُصاحب الصداع تصلب في الرقبة أو حساسية مفرطة للضوء، وهي علامات قد تشير إلى نزيف تحت العنكبوتية، وهو نوع من النزيف الدماغي يحدث نتيجة تمزق أحد الأوعية الدموية داخل الدماغ.

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى النزيف داخل الدماغ، ومن أبرزها ارتفاع ضغط الدم غير المُعالج، الذي يُعد العامل الرئيسي في تآكل جدران الأوعية الدموية وتمزقها. كما يُمكن أن تساهم تشوهات الأوعية الدموية الخلقية، مثل تمدد الأوعية أو ما يُعرف بـ"أمهات الدم"، في زيادة خطر النزيف. كذلك، قد تُسبب إصابات الرأس، اضطرابات تخثر الدم، أو تناول أدوية مميعة للدم بجرعات غير مضبوطة، حالات نزيف داخل الجمجمة.

هناك فئات من الأشخاص تُعد أكثر عرضة لخطر النزيف الدماغي، من بينهم كبار السن، ومرضى ارتفاع ضغط الدم، والمصابون بأمراض القلب والأوعية، والأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمهات الدم أو السكتات. كما أن المدخنين ومتعاطي الكحول بانتظام يواجهون خطورة أعلى، إضافة إلى من يُعانون من مشاكل مزمنة في الكبد أو الكلى قد تؤثر على قدرة الجسم على تخثر الدم.

يُعد التشخيص المبكر لنزيف الدماغ أمرًا بالغ الأهمية، حيث يمكن أن يُنقذ حياة المريض ويُقلل من الأضرار الدائمة المحتملة على الدماغ. عادة ما يُطلب إجراء تصوير مقطعي محوسب أو تصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد موقع النزيف وحجمه. في بعض الحالات، يُستخدم تصوير الأوعية الدماغية لتحديد مصدر النزف، خصوصًا إذا كان هناك اشتباه في وجود تمدد وعائي.

هذا ويعتمد علاج النزيف الدماغي على عدة عوامل، منها حجم النزيف، موقعه، وحالة المريض العامة. في الحالات الطفيفة، قد يُكتفى بالمراقبة الطبية الدقيقة والسيطرة على ضغط الدم وتخفيف الأعراض. أما في الحالات الشديدة، فقد تستدعي الحالة تدخلا جراحيا لإزالة تجلطات الدم أو إصلاح الأوعية التالفة. وتُعد العناية المركزة ضرورية لضمان استقرار الحالة ومنع حدوث مضاعفات مثل التورم الدماغي أو السكتة الثانوية.

رغم أن بعض حالات النزيف الدماغي تحدث بشكل مفاجئ ولا يمكن توقعها، إلا أن الوعي بالأعراض المبكرة ومراقبة التغيرات غير المعتادة في الجسم، خصوصا في نمط الصداع، يُعدان عاملين مهمين في الوقاية أو الحد من خطورة المضاعفات. من الضروري ضبط ضغط الدم، واتباع نمط حياة صحي، والابتعاد عن التدخين والكحول، ومراجعة الطبيب فور الشعور بصداع غير معتاد أو حاد بشكل غير طبيعي.

الأكثر قراءة

جهد رئاسي للوصول الى صيغة توافقيّة لحصريّة السلاح... وإلّا المجهول؟ حزب الله يزور عون في الرابية الاثنين... ولقاء قريب مع جنبلاط الانتخابات النيابيّة مفصليّة: الحريريّون باشروا التحضيرات... وتحالف «الاشتراكي» و«القوات»