اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تحاول الادارة الاميركية اخماد المقاومة الشعبية السلمية والمسلحة في الضفة الغربية، وتحديداً في جنين ونابلس واريحا وغيرها من المدن التي تشهد عمليات عسكرية ضد جنود الاحتلال الصهيوني والمستوطنين، الذي بات يشعر قادة العدو بثقل الاعباء على المؤسسة العسكرية والامنية، كما على حياة المستوطنين الذين وُعدوا "بارض الميعاد"، وبانهم يعودون الى المكان الذي سبيوا منه قبل آلاف السنين، ولم يستوطنوا فلسطين سوى سبعين عاماً، هي كل عمر "دولتهم التوراتية" التي يزعمون بانها تمتد من "الفرات الى النيل"، وفق وعد الههم يهوه لهم.

فما يجري في فلسطين من غزة الى الضفة الغربية والاراضي المحتلة في العام 1948، سيغير مجرى الصراع مع العدو الصهيوني، الذي بات قادته يعدّون السنين القليلة التي سيبقى اغتصابهم لفلسطين، اذ يقدر بعضهم بان عمر الكيان الغاصب شارف على نهايته، ولن يبلغ عامه الثمانين الا يكون المؤقت قد زال، باعتراف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مؤخرا.

ولان الاعتقاد يزداد داخل "الدولة العبرية" بان وجودها في خطر، انبرى من بين القادة الصهاينة من عمل لحل "الدولتين"، اليهودية والفلسطينية، والتي تضمنتها اتفاقات "السلام"، لا سيما منها "اتفاق اوسلو" بين رئيس الحكومة "الاسرائيلية" اسحق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، برعاية اميركا برئاسة جيمي كارتر في ايلول من العام 1993، لكن لم يمض اقل من سنة على الاتفاق حتى قتل متطرف "اسرائيلي" رابين، لانه تخلى عن "ارض اسرائيل" في الضفة الغربية، التي يسميها اليهود "يهوذا والسامرة" وفق الوصف التوراتي.

من هنا، فان الحرب مع الكيان الصهيوني هي حرب الوجود، وليست حرب الحدود، كما وصفها المفكر القومي الاجتماعي انعام رعد، في كتاب له صدر عام 1979، حيث يُستعاد عنوان كتابه بعد 25 عاماً على وفاته، في المعركة المفتوحة بين الفلسطينيين والكيان المؤقت في فلسطين المحتلة، اذ تراجع من يسمون انفسهم "علمانيين" في "الكيان الصهيوني" الذين قبلوا بالحل السلمي، امام الاحزاب الدينية التي رفعت عنوان "معركة الوجود" مع الفلسطينيين، الذين باتوا على يقين بان "اتفاق اوسلو" لم يأت لهم بالحل، وهو لم يكن نهائيا بل مؤقتا، لجهة عدم الاعتراف بالقدس "لدولة فلسطين" ولا وقف الاستيطان الصهيوني، ولا القبول بحق العودة، وهي الاساسس التي من دونها، فان "اتفاق اوسلو" كان معبرا "لاسرائيل" نحو "الشرق الاوسط الجديد"، الذي سوّق له شيمون بيريز الرئيس الاسبق للحكومة "الاسرائيلية" التي استفادت من الاتفاق، لتعبر الى انظمة عربية وتعقد اتفاقات معها، "كوادي عربة" مع الاردن، ثم اقامة تطبيع الذي يتوسع مع دول عربية، ومن خلال ما سمي "اتفاق ابراهاما".

فما يحصل بين الفلسطينيين و"الاسرائيليين"، اسقط "اتفاق اوسلو" الذي تتمسك به السلطة الفلسطينية، وهو سقط "اسرائيلياً" مع مقتل رابين عام 1994، واعلان نتنياهو بانه لم يعد موجوداً في العام 1996، ومثله فعلت الحكومات "الاسرئيلية" المتعاقبة، حيث حاولت "السلطة الفلسطينية" برئاسة محمود عباس (ابو مازن) التأكيد انها متمسكة به، وتدعو الوسيط الاميركي لتفعيله، لكن الاخير يعمل لصالح وجود "اسرائيل" وامنها، وفق ما يؤكد مصدر فلسطيني رافض للاستسلام ويدعو للمقاومة، حيث يكشف بان كل "فريق السلام" داخل منظمة التحرير، انتهت صلاحياته، وان المواطن الفلسطيني اخذ قراره بيده، وان افراداً لا سيما من هم في سن بين 13 سنة وما فوق، هم من يخوضون المواجهة مع الجيش "الاسرائيلي" والمستوطنين الذين هم من الاحتياط في الجيش.

فالعمليات النوعية التي يقوم بها افراد من "عرين الاسود" او من خارج هذا التنظيم، تؤشر الى ان حربا من نوع آخر تجري في الضفة الغربية، التي يسعى الفلسطينيون المقاومون الى تحريرها، وهذا ما تكشفه المعلومات التي تشير الى ان ما حصل من احراق للمنازل في اريحا من قبل المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، وقبل ذلك تدمير منازل، لن يدفع بالاهالي الى الخروج من ارضهم، ولن يكرروا ما حصل في العام 1948، وبعده في العام 1967، ففي تلك المرحلة خسرت الانظمة امام العدو الاسرائيلي الذي توسع ضمن مشروعه، اما اليوم فان الفلسطيني لن يتحول الى لاجئ وسيدافع عن ارضه، وهذا ما اكد عليه الفلسطينيون، اذ كشفت المواجهة بان "اسرائيل" ليست قادرة ان تهزم "الديمغرافيا الفلسطينية"، ولا ان تنزع الارض، ولو ببناء المستوطنات، ففي فلسطين ستقوم دولة واحدة لا دولتان، وكما تحررت غزة وفكك العدو 21 مستوطنة في محيطها عام 2004، هذ ما سيحصل في الضفة الغربية.

فماذا ستفعل السلطة الفلسطينية، امام جرائم العدو الصهيوني، وهي التي عقدت معه اتفاقا امنياً في العقبة بالاردن يوم الاحد الماضي، بحضور رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني ماجد فرح ورئيس جهاز الامن "الاسرائيلي" (شين بيت) روني بار ومستشار الامن القومي الصهيوني تسامي هانغبي، ومنسق البيت الابيض للشؤون الامنية للشرق الاوسط وشمال افريقيا بريت ماكفورك، اضافة الى ممثلي مصر والاردن.

هذا الاجتماع الامني، الذي طلبته اميركا، تحت عنوان تهدئة الوضع في الضفة الغربية لمدة تتراوح 6 اشهر، فان العدو الاسرائيلي لم يلتزم به، وقد نصح السفير الاميركي في "اسرائيل" توم مندس، نتنياهو بفرملة بناء المستوطنات، وهي اساس المشكلة، فاعلن وزير المال "الاسرائيلي" سموتر ريتش بانه لن يكون هناك تجميد لبناء المستوطنات، بعكس الرغبة الاميركية التي نقلها وزير الخارجية انتوني بلينكن الى المسؤولين "الاسرائيليين"، ودعاهم الى وقف بناء المستوطنات لانها عقبة امام عملية السلام "الاسرائيلي" – الفلسطيني، الذي يدعو العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الى ضرورة اعادة اطلاق المفاوضات الفلسطينية – "الاسرائيلية"، التي لن يعود اليها "الاسرائيليون"، لا سيما المتطرفون منهم، الذين اسقطوا الاعتراف "باتفاق اوسلو"، واعتبروا من وقعه خان "اسرائي"ل فقتلوه، في حين ان السلطة الفلسطينية، ما زالت متمسكة بالاتفاق ولم تحقق منه شيئا، وعليها ان تخرج منه، لا ان تعلق العمل به، وفق قيادي فلسطيني، الذي يؤكد بان المملكة ليست مع الاحتلال الذي يقاومه الفلسطينيون، بل مع السلطة التي رضخت كما جاء في الاقتراحات التي حملها بلينكن لمحمود عباس، وان تقوم الادارة الاميركية بتمويل وتدريب وتسليح الشرطة الفلسطينية لتسيطر على جنين وبؤر المقاومة.

الأكثر قراءة

ولادة أخرى للشرق الأوسط؟