اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تكن الطائرات الحربية الإسرائيلية التي استباحت سماء لبنان هذه المرة لـ «ترهيبه»، إنما كانت تُعبِّر عن إرباك «إسرائيلي» واضح بتوقيت المناورة العسكرية التي أجراها حزب الله بالذخيرة الحيّة في معسكر عرمتى- كسارة العروش- جنوب لبنان في الذكرى ال٢٣ لعيد المقاومة والتحرير.

صحيح أن الإسرائيلي لديه تصوّر حول قوة وقدرات حزب الله القتالية، من مجموعات كومندوس مدرَّبة وكفاءات عالية متخصصة بالاقتحام، وتجهيزات وتطوّر نوعي بعد الحرب السورية، إلا أن هذه المرة الأولى التي يرى فيها مناورة حيّة بشكل مباشر، على حد قول مصادر في محور المقاومة، وما صعّب المشهد عليه أكثر هو أنها متزامنة ومرتبطة بالوضع العام، أي بتطوّر المعركة بعدد الجبهات، فحزب الله ارسل إشارات أن المعركة ممكن أن تتطور بهذا الاتجاه، أي أن جبهة لبنان حاضرة وأن مشاركته أبعد من المشاركة البرية، فهو مرتاح جداً بحيث أن سوريا بوضع أفضل، وانفتاح العلاقات العربية - الإيرانية يريحه أكثر، بالإضافة الى المشاكل الداخلية الإسرائيلية، فكل هذه المؤشرات والعوامل هي كبيئة متكاملة تساعد حزب الله.

ورغم ذلك، تضيف المصادر إن العدو كان يبحث عن شيء آخر لم يكشفه حزب الله في المناورة، بحيث كان ينتظر رؤية مسيّرات أكبر «هجومية واستطلاع «، بالإضافة الى كل أنواع الصواريخ كتلك المضادة للطائرات، فهو لم يستطع أخذ صورة واضحة عن قوة الحزب في المناورة، بحيث بقيت أمور كثيرة لغزاً بالنسبة له، فتكرر السؤال حول ما يُخفيه حزب الله نسبة للجانب المحدود الذي أظهره من قوّته. وهذا ما أكده رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين عندما قال: «لم نعرض كافة قدراتنا في المناورة لأننا تركناها حتى يراها العدو بنفسه في حال ارتكابه أي حماقة».

واكدت المصادر ان الإسرائيلي يعلم قدرات حزب الله القتالية في العمل البري، إلا أن رغم ذلك كانت أهم الرسائل من المناورة في هذا الجانب، فمنذ أن قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لمجاهدي المقاومة الإسلامية كونوا مستعدين ليومٍ إذا فُرضت فيه الحرب على لبنان، قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل، يتعامل الإسرائيلي مع هذا الكلام كأمر واقع، بحيث باتوا مهيئين لسقوط المواقع والمستوطنات بأيدي المقاومة، حتى أن هناك جنرالاً سابقاً أعدّ دراسة حول تطوّر حزب الله من الأسلحة الذكية الى الجيش الذكي، وبذلك أصبح لديه القدرة على الدخول الى الجليل، والأهم كيف طوّر نظريته العسكرية، وانتقل من المقاومة الى المبادرة والاستعداد للدخول بالعمق الإسرائيلي والقيام بتدمير منشآت، وصولاً لتدمير الجيش، وبالتالي فإن الحزب في المرحلة المقبلة مختلف تماماً عن الحزب الذي يعرفه الجميع ، بحيث أنه يضع خططاً لكسر الجيش الإسرائيلي...

وما يفاقم أزمة الكيان الإسرائيلي انقلاب حساباته، بحيث كان يتجه نحو التطبيع مع العرب بوجه إيران وسوريا، أما اليوم فانقلب المشهد وأصبح العرب ذاهبين باتجاه ايران وسوريا، وهذا ما يؤكد المؤشرات السلبية التي تُ=حاصر الكيان من كل النواحي...

أما من جهة حزب الله، ومن خلال ما قدّمه، فأكد أن موضوع المقاومة غير قابل للنقاش، وبعيد كل البعد عن التسويات والمصالحات في المنطقة، حيث انه معني بإيصال رسائل بهذا التوقيت بالذات، وإظهار جانب من قدراته لناحية الدقة العالية في التنفيذ والتخطيط البارع والمهارات التي كانت موجودة في السابق، لكن الآن هي أفضل وتستطيع تحديد الهدف بدقة عالية تناسب تطورها.

إذاً، حزب الله انتقل فعلياً من الحرب النفسية الخطابية التي يُتقنها أمينه العام عندما يخاطب العدو الإسرائيلي ويردعه، الى الحرب النفسية عبر مشاهدة ما كان يقوله السيد نصرالله، فهذه المناورة هي كـ «تنفيذ» مع وقف التنفيذ، باعتبار هذه اللحظة قادمة حكماً، هكذا أكد حزب الله من المكان الذي صنع الرجال وأسس لأجيال في شهر التحولات والمفاجآت والانتصارات، والرسالة الأهم أن كل ما رآه الإسرائيلي من «عظمة قوة المقاومة»، يعلم أن ما خُفيَ أعظم بكثير... 

الأكثر قراءة

أجل... اخترقنا "إسرائيل" استخباراتياً