اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ينتظر الأولاد بصبر نافد قدوم بابا نويل، حاملاً على ظهره، كيس الهدايا التي يحلمون بها. وهو بالنسبة اليهم ذلك الرجل الحنون الذي يحبهم ويحقق امنياتهم في هذه الليلة المباركة، فهل نعزز ايمانهم به؟ وماذا لو خافوا منه او اكتشفوا حقيقته؟ يصدق بعض الاولاد اسطورة "بابا نويل" فينتظرونه ويحلمون برؤيته آتياً من السماء في عربته الكبيرة المحملة بالهدايا ـ ويشكك آخرون في وجوده، او يكتشفون حقيقته، فيما يخاف منه البعض منهم. فمن هو "بابا نويل" بالنسبة الى الأطفال؟ وهل يجوز للأهل ان يكشفوا لهم هويته؟ بالنسبة الى الاطفال "بابا نويل" هو رجل محب وصالح يبتسم دائماً، وهو كريم يوزع الهدايا على جميع الناس، وهذه الشخصية الايجابية مهمة وتسهم في نموّهم النفسي والاجتماعي، فوجودها في حياتهم ينمي خيالهم وحسهم الابداعي، وعلى الصعيد الاجتماعي يسهم تصديق اولادنا قصة "بابا نويل" والايمان به وبشخصيته، في تكيفهم مع المجتمع من خلال المشاركة بطقس اجتماعي يشارك فيه الناس جميعهم. يرفض كاختصاصية في علم النفس ربط تصرفات الولد بالهدية التي سيتلقاها من "بابا نويل" ومقولة "اذا احسنت التصرف سيزورك سانتا كلوز" وسيقدم لك هدية، اما اذا لم تحسن التصرف فلن يأتي. فثمة اولاد لا يحصلون على هدايا في عيد الميلاد بسبب أوضاع أهلهم الاقتصادية الصعبة، وبالتالي سيعتقدون ان "بابا نويل" لا يحبهم وهو يعاقبهم لانهم اخفقوا في التصرف اذا، ربط تصرفات الطفل بالهدية التي سيتلقاها عشية العيد لا يجوز لأنه مهما خالف الأوامر وارتكب اخطاء في التصرفات، فهدية العيد تبقى حقاً له. بعض الناس يخبرون أولادهم بحقيقة "بابا نويل" لكيلا يعيشوا في كذبة. هؤلاء ندعوهم الى ربط "بابا نويل" بسحر العيد وعدم اعتباره كذبة. فليس هناك اجمل من ان يحلم الاولاد بهذا السحر وينتظروا مجيء ذلك الرجل الحنون، فحتى الكبار يحلمون به وينتظرونه ويلتقطون صوراً برفقته.

بدءاً من عمر 6 سنوات يكتشف الولد تدريجاً حقيقة "بابا نويل" وبأنه غير موجود فعلياً، الا انه لا يخبر احداً باكتشافه الحقيقة، وذلك لانه في اعماقه لا يرغب في تصديق هذا الواقع.

اما في حال اكتشف الولد فجأة ان "بابا نويل" غير موجود، فمن المهم مساعدته على تخطي صدمته، وذلك لكيلا تنهار صورة اهله في نظره، فهو سيعتقد في هذه الحالة انهم كذبوا عليه فترة طويلة وجعلوه يعيش في كذبة، لذلك عليهم تذكيره بالاوقات الجميلة التي قضاها وهو يعتقد حقيقة بوجود ذلك الرجل الحنون الذي يُحضر لها الهدايا الجميلة عشية العيد.

لا يكتشف الولد فجأة حقيقة "بابا نويل" بل يحصل ذلك على مراحل، وبالتالي فانهي بادر الى طرح اسئلة حشرية (تتعمق مع الوقت ومع نمو الطفل) تتمحور حول هدية "بابا نويل" وعمله. ومنها، كيف يأيت عبر المدفأة؟ الن تحرقه؟ لا نملك مدفأة فكيف دخل اذا؟ هل فتحت له الباب انت، وهل اعطيته المفتاح؟ كيف يمكنه توزيع الهدايا في ليلة واحدة على أطفال العالم جميعهم؟ هل يعرفهم جميعاً؟ يدعو علم النفس ورأيي كاختصاصية في علم النفس ايضاً الاهل الى عدم محاولة جعل أولادهم يصدّقون ان "بابا نويل" موجود بعد ان يكتشفوا الحقيقة؟ فعندما يكتشفون الامر، على الأهل ان يقرّوا فعلاً بانه غير موجود ويحثّوهم على حفظ السر فلا يبوحون به لاخوتهم او اقاربهم الصغار. اذ من الضروري ان يفهم الاولاد انه يحق لاخوتهم الصغار عيش رونق العيد وذكرياتهم الجميلة، وهذا ما سيجعلهم يتفهمون اهلهم وسبب اخفائهم رواية "بابا نويل".

من المهم أن يكون "بابا نويل" شخصية اخرى غير الأب، ويفضّل شخص من خارج الاسرة، كيلا تختلط الافكار في عقل الولد ويحفظ بالتالي في ذاكرته صورة "سانتا كلوز" الجميلة، وعلى الأب أن يكون موجوداً برفقة أولاده عندما يأتي "بابا نويل" لتوزيع الهدايا عليهم.

ختاماً، على الأهل ان يبوحوا بالحقيقة لأولادهم في حال بكوا وشعروا بالخوف لدى رؤيتهم "بابا نويل" وبالتالي يمكنهم أن يطلبوا من مرتدي الزي أن يخلعه امام اعينهم، وأن يخبروا الطفل بأن هذا الشخص تنكر بزي "بابا نويل" من دون الاصرار على التقاط صور برفقته اذا لم يرغبوا في ذلك، ومن الاساليب التي يمكن للاهل استخدامها لجعل الطفل يتخطى خوفه من "بابا نويل" جعله يرتدي زيّه. فهذه الطريقة تُنسيه خوفه وتساعده على اكتشاف شخصية "بابا نويل" واكتساب اخلاقه الحميدة، ومنها المحبة والعطاء ومساعدة الآخرين.