كلمات في زمن الغربة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

فعلُ الخير وفاعلوه

مع الاقتراب من ذكرى "الميلاد": ميلاد "كلمة الله" و"صورة جوهره"، يزداد، كما المعتاد، نشاطُ العطاش الى البّر وعمل الرحمة. ومن الطبيعي ان يكون الناشطون هؤلاء على مراتب في منطلقاتهم وفي المقاصد، وألا يكونوا، في نيّاتهم جميعاً، على حدٍّ سواء. فمنهم الذين يعملون في هذا الميدان تلبيةً لنداء حاجتهم العميقة الى انسانيّةٍ تتكامل فيهم وتزداد تألّقاً بالعطاء. ومنهم الذين يمضون في هذا السبيل تتردّد في أعماقهم أصداءُ "طوبى للرحماء فانّهم يُرحَمون". وعلى خطٍّ موازٍ اَخر، ينشط اَخرون. ينشطون، كما ساسة البلاء في البلاد وسائر النفعيين، تحت عناوين وتسميّاتٍ لمّاعةٍ برّاقة، جلُّها خدّاعة وما كلّ العاملين فيها يعلمون ما فيها وما خلفها ومن هم الداعمون ولأيّ اغراضٍ ولأيّ القضايا يجودون بالعطايا. وفي أمثال هؤلاء، كانت اَيةُ الصاحب العيد: "احذروا الذين يأتونكم بثياب الحملان وداخلهم ذئابٌ كاسرة."

ومثل هذا التحذير يُوجِبُ، لا يُثني عن التذكير بأنْ ليس قليلاً ما يُقال وما قيل في الحثّ على عمل الخير عبر اشارات التنويه بفاعليه. ومن تلك الاشارات أنّ "من دلَّ على خيرٍ فلهُ أجرُ فاعلِه". ومثلَها: "طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه". ولعلّ اكثر تلك الاشارات اشعاعاً: "أحبّ الناس الى الله أنفعهم للناس."

ولأنّ الخير سبلٌ ومناهج وشعابٌ وأبواب ورحابٌ واسعةٌ، لا بدّ للمعنيين به اَفاقاً وعناوين، من الحرص الشديد على تحصينه بالشفافيّة البلّورية وبالطهر والنزاهة التي تليق بما يُوصَف أنّه افضل عبادةٍ يمكن ان نُقدِّمها لله.

انّ فعل الخير، الذي هو نقيض الشرّ وناقض السيئات ودارىء الشبهات ليس، في الواقع، ما يسيء اليه في سياق انجازه، أسوأ من أن تحوم حول فاعله الشائعات أو أن تنبعث من حول فاعله روائحُ الشبهات. من هنا، وجوبُ ان يتحصّن فاعلو الخير بادراك حقيقةِ أن ليس ما يقفل الأبواب دون الشكِّ والارتياب مثلُ الحرص الدائم على اجراء الحساب وعلى كشف الحساب. وليبقَ كلُّنا ذاكراً انَّ المُحتفى بذكرى ميلاده، بعد أيامٍ، قد دعا بالويل على الذين تأتي على أيديهم الشكوك، وما دعا بمثلِ ذلك على المشكِّكين.

طوبى لفاعلي الخير على أصوله. طوبى للذين كانوا للذِكْرِ حافظين...