اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اثار رد الحكومة اللبنانية قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية إلى مجلس النواب موجة من الإعتراضات لاعتباره مخالفاً للدستور وتجاوزاً لصلاحيات رئيس الجمهورية، فيما اعتبره آخرون أنه فرصة لإعادة النظر بالقانون ليكون عادلاً ومنصفاً للمالكين والمستأجرين معاً .

بموجب القانون الجديد، تُحرر عقود الإيجارات غير السكنية القديمة بعد 4 سنوات فقط، على أن يتم تصحيح بدلات الإيجارات من السنة الأولى، من خلال رفعها بمعدل 25 بالمئة، من بدل المثل، وهو ما يوازي حسب المتعارف عليه 8 بالمئة من قيمة المأجور، ثم رفعها بمعدل 50 بالمئة في السنة الثانية، ثم 100 بالمئة في السنة الثالثة والرابعة.

وبحال لم يرغب المالك في استمرار المستأجر، يمكنه وفق القانون أن يتنازل عن حقه بالزيادات، على أن يستلم المأجور بعد عامين من صدور القانون. وبالتالي، يستمر المستأجر بدفع بدلات الإيجار ذاتها التي يدفعها اليوم، ولكنه ملزم بإخلاء المأجور بعد سنتين.

بعد إقرار قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية اعتبر النواب الذين صدقوا عليه أنّ القانون ارتكز إلى عدم تحرير الإيجارات على نحو فوري، بل أمهل المستأجرين أربع سنوات، وارتكز في أسبابه الموجبة على الحقوق المهدورة للمالكين وانتهاك حقّ الملكية. كما أشاروا إلى "واقع لا يمكن تجاهله" وهو أنّ شاغلي الإيجارات غير السكنيّة من مستودعات ومصارف ومكاتب ومحال تجارية، لطالما حقّقوا مكاسب، فيما كانت بدلات الإيجار زهيدة جدًا، تصل إلى 8$ سنويًا، واليوم يبيع التجار السلع والخدمات على سعر صرف الدولار في السوق الموازية أي على سعر ٨٩ او ٩٠ ألف ليرة، بينما يدفعون للمالك ٥٠٠ الف ليرة سنويًا. فضلًا عن لجوء معظم المستأجرين إلى تأجير المحلات والمكاتب وفق السعر الرائج حاليًا، وبالفريش دولار، في المقابل يدفعون للمالك بدل الإيجار القديم الذي وصل إلى دولار واحد شهريًا في بعض الإيجارات "وهو خلل ينتهك حق الملكيّة".

من جهته رأى رئيس "تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الايجارات" المحامي أديب زخور أنّ القانون "يخالف الدستور وقانون المؤسسة التجارية، ومبدأ التعويض والتنازل عن المؤسسة التجارية والأماكن غير السكنيّة، والحقوق المكتسبة في التعويض والخلو، وأسبابها الموجبة التي على اساسها تمّ التعاقد"، مشيراً إلى ما اعتبره "مبالغة في الزيادات على بدلات الإيجار، وعدم تطابقها مع الواقع والغاء التعويض، ليصبح بدل الايجار 8% من قيمة المأجور في السنة الثالثة من صدور القانون، وتحريره في السنة الثالثة والرابعة دون تعويض" .

وأشارت نقابة المالكين إلى ان " القانون الجديد يعزز المبادرة الفردية ويحقق عنصر التوازن بين المستأجرين القدامى والمستأجرين الجدد، إذ لا يجوز أن يكون للمستأجر القديم عنصر تفوق على المستأجر الجديد الذي يدفع بدل المثل ويستمر بممارسة عمله، فيما يدفع المستأجر القديم بدلات مجانية ومن دون مهلة محددة.

ولفتت الى انه "يصحح مسارا خاطئا في القوانين الاستثنائية القديمة، إذ يلغي بدعة الخلو التي دفعها المستأجر الأساسي للمالك، فيما كان المستأجرون يدفعون الخلوات في ما بينهم طمعا بإيجارات مجانية يحصلون عليها مقابل بدل مادي، فتحول بذلك القسم المؤجر إلى مادة للتجارة على حساب المالك القديم وأمام عينيه، كما يصحح خللا أدى إلى ظلم المالك ظلما فادحا، إذ كان يسمح الوضع القائم للمستأجر بالتأقلم مع ظروف الأزمة الاقتصادية، فيبيع السلع والخدمات بالدولار النقدي أو بسعر صرف وفق الرائج وهو اليوم ٩٠ ألف ليرة للدولار الواحد، فيما يدفع للمالك بالعملة اللبنانية وببدلات شبه مجانية.

أما نقباء المهن الحرة اقترحوا أن تتم دراسة هذا القانون بعد الأخذ بالمعطيات والمؤشرات العالمية ودراسة الأوضاع الاقتصادية في لبنان وكيفية تطوير قانون ‏إيجارات الأماكن غير السكنية‏ ‏ووضع خطة طريق عملية بعد التشاور والاستماع إلى الهيئات الصناعية والتجارية والاقتصادية والنقابية كافة لاسيما فيما يتعلق بمهل التنفيذ أي مدة تمديد العقد والنسب المئوية لزيادات بدلات الإيجار الذي يجب ان ترتكز على مؤشر غلاء المعيشة ومؤشر التضخم السنوي الصادرين عن إدارة الإحصاء المركزي ليكون مطابقًا للمواصفات العالمية بالإضافة الى دراسة كل الشؤون الاقتصادية والسياسية في لبنان وإنصاف ‏المالكين والمستأجرين".

الرأي القانوني

حول الرأي القانوني بهذا القانون وجواز رده من الحكومة، يشير الخبير الدستوري  والقانوني المحامي سعيد مالك في حديثه للديار أنه عملاً بأحكام المادة ٥٧ من الدستور اللبناني فإن رد القوانين هي صلاحية لصيقة ومحفوظة لرئيس الجمهورية "وقد أقر المجلس الدستوري ذلك لا سيما في قراره رقم ٤ على ٢٠٠١ حيث أكد أن هذه الصلاحية هي صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية ولا تنتقل إلى مجلس الوزراء بالإنابة أو بالوكالة عملاً بأحكام المادة ٦٢ من الدستور فليس كافة الصلاحيات تنتقل ومنها صلاحية رد القوانين".

ويقول مالك : أما ما أقدمت عليه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي فيُعتبر مخالفة دستورية فاضحة للتعدي الصارخ والواضح على صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي اليوم أصبح من الواجب واللازم الذهاب نحو إنتخابات رئاسية وإنتاج رئيس للجمهورية لوضع حد لكافة هذ المهاترات والتجاوزات والإعتداءات على صلاحيات رئيس الجمهورية من كل حدب ومن كل صوب.

أما لجهة ما إذا كان قانون الإيجارات الجديد قد أنصف المالكين أم أنصف المستأجرين، يقول مالك: الأمر يعود إلى السلطة التشريعية حيث كان بالإمكان من أجل إحقاق الحق فيما لو كان هناك فريق مغبون نتيجة هذا القانون، إما تقديم طعن أمام المجلس الدستوري في حال كان هناك مادة صالحة للطعن من جهة، أو تقديم إقتراح قانون من أجل تعديل بعض المواد التي ربما تحمل إجحافاً بحق أي من الفريقين ،مؤكداً أن التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية  أمر غير مقبول و يُعتبر مخالقة دستورية فاضحة.

ووفقاً لمالك من الثابت أن قانون الإيجارات للأبنية الغير سكنية قد جاء مبدئياً عادلاً لجهة المالكين، أما بالنسبة للمستأجرين فيعتبرونه غير منصف "و لكن اليوم لا بد من التأكيد أن حق الملكية هو حق مقدس و لا بد أن نصل إلى مرحلة تُحرر بها الإيجارات أصولاً لكي يتمكن كل مالك من إسترجاع ملكه أصولاَ، وبالتالي أن ما سيجري أن هذا القانون كالقوانين الثلاثة التي تقرر ردها وإعادتها إلى مجلس النواب فهي بحاجة إلى جلسة تشريعية جديدة تنعقد خلالها الهيئة العامة وتناقش مجدداً وتعيد النظر بهذه القوانين ويصار الى التصويت عليها بأكثرية موصوفة أي بالغالبية المطلقة من عدد أعضاء مجلس النواب حتى يُصار بعد إقرارها إحالتها إلى الحكومة من أجل إصدارها ونشرها أصولاً". 

الأكثر قراءة

ايجابيات نيويورك لا تلغي الخوف من حسابات نتانياهو الخاطئة ميقاتي يعود من العراق قلقا… وعقبتان امام حل «اليوم التالي»؟