اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


من الواضح أنه من بداية المعركة في جنوب لبنان بين العدو الإسرائيلي والمقاومة أن قوانينها تُوضع داخل الحرب وليس خارجها، وبالتالي كل لحظات الإشتباك التي مضت والجارية والآتية ستتشكل تبعاً لحركة الميدان، تماماً كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في بداية الحرب.

يعرف الإسرائيلي خطورة القوة العسكرية الموجودة عند حزب الله في جبهة الشمال وأنها تُشكِّل تهديداً وجودياً بالنسبة له، ويتمنى أن يستطيع إزالة هذه القوّة أو على الأقل الحدْ منها، فهو بعقله يريد الإشتباك لكن لا يستطيع، لذا تحدّث أمين عام حزب الله في خطاباته عن الرغبة والقدرة وعن أن الإسرائيلي يناقش توسيع الحرب من عدمها، خاصة وأن من الناحية النظرية القدرة العسكرية موجودة لديه، لذا ركّز السيد نصرالله على نقطتين:

١- تقدير الموقف

٢- دقة القراءة

خلال خطاباته توجّه أمين عام حزب الله للإسرائيلي بالقول: إنه إذا وفق حساباتك تَعتبر أنك باستطاعتك توسيع الحرب بعملية عسكرية محدودة زمنياً على قاعدة أن المقاومة في لبنان لا تريد أن تذهب الى حرب مفتوحة ولا تريد أن تخرج عن إنضباط معين في هذه المعركة، يعني أنك تبني على أساس خاطىء، خاصة إذا كنت تأخذ طبيعة القتال المضبوط وإدارة المقاومة للمعركة في هذه المرحلة التي تعتمد على تحقيق أعلى قدر ممكن من الأهداف بمساندة غزة بأقل أضرار ممكنة على لبنان معياراً لكل المراحل اللاحقة أو قاعدة عامة تعتمدها المقاومة.

وإذا كنت تفترض أنك تستطيع أن تأخذ المقاومة الى قواعد جديدة بتوقيتك، فأنت مُخطىء أيضاً.

وإذا كنت تتوقع أنك بحال أقدمت على خطوة تصعيدية، أن لا تقوم المقاومة بخطوة مقابلة وحتى مُضاعَفة وفق حساباتها، فأنت مُخطىء أيضاً.

رسائل وصلت الى القادة الصهاينة من كلام قائد المقاومة والمجاهدين بآدائهم في الميدان، حيث كانت أقساها إسقاط هرمز ٤٥٠ بصاروخ أرض جو، حدث ميداني تُعرف أهميته من ردة فعل الإسرائيليين الذين كانوا يعتقدون أن لديهم سيطرة جوية تامة ويَستحوذون على زمام المبادرة في هذا الجانب، فقامت المقاومة بتهديد التفوق الجوي الذي يتغنّون به وقيّدت حركة طائرات الإستطلاع، فشكّل صدمة بالنسبة لهم لا تقتصر فقط على ما ظهر من إمكانيات وخطوات محسوبة بالآداء وتوجيه ضربات بالنقاط وإنما القلق مما يُخفيه حزب الله من قدرات، ومقدرة على التحكّم والسيطرة في المعركة، وأكثر من ذلك عندما يتجاوز الإسرائيلي الحدود، تستوعب ذلك المقاومة وتُوجِّه ضربة له، مسار مُتغيِّر ومتصاعد وضع في أذهان قادة العدو سؤالاً ثابتاً ألا وهو: ما جديد حزب الله؟؟!! خشية تُوضع بكل تأكيد في صلب حسابات إسرائيل لتوسعة الحرب!!..

إنّ ما يميّز جبهة جنوب لبنان "الإدارة"، الطريقة التي تُدير بها المقاومة عملياتها العسكرية والسياسية دعماً لغزة واستنزافاً للعدو، بحيث أن هذه الجبهة هي أكثر ما يُزعج الأميركي والإسرائيلي في جبهات المساندة، لأن لبنان ليس اليمن من حيث الحجم والموقع وليس العراق من حيث الواقع السياسي والإجتماعي والعسكري والجغرافي، ورغم ذلك إستطاع أن يَستنزف ثلث الجيش الإسرائيلي ويُهجِّر كحد أدنى ١٠٠ ألف مستوطن من الشمال.

الأميركي يُحب نوعين من القادة في العالم العربي إما من المستزلمين الخاضعين التابعين الخانعين وإما من العشوائيين والعنتريين والخطابيين والذين ينخرطون تحت ضغط الشارع بمعارك غير محسوبة، إلا أن قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان ليست من النوع الأول ولا من النوع الثاني، من هنا يُمكن ملاحظة الهدوء بإدارة المعركة، وضوح الرؤية، الإنضباط بالقوانين التي تضعها والسير على إيقاعها ووفق هدفها الواضح وجدول عملها، بحيث يجب نُصرة غزة والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني، يجب أن تنتصر المقاومة، وممنوع أن تُحقِّق أميركا أهدافها، هكذا تدير المقاومة المعركة، وهكذا تؤذي وتستنزف الأميركي والإسرائيلي الذي يحاول جرّها للخطأ.

هنا تكمن المشكلة، أن رغم كل هذه السنوات لم يفهموا بعد أن عقلية ومنهج هذه المقاومة الموجودة في لبنان مختلف عن كل ما اعتادوه وجرّبوه مِن قبل في أكثر من جبهة، إلا أنهم رغم معرفتهم بالسيد نصرالله، تبقى معرفة نظرية، فعند كل تجربة يتعرّفون عليه من جديد، ويكتشفون إستثنائية قيادته.

الأكثر قراءة

سيجورنيه يُحذر: من دون رئيس لا مكان للبنان على طاولة المفاوضات الورقة الفرنسيّة لـ«اليوم التالي» قيد الإعداد حماس تؤكد: لا اتفاق من دون وقف نهائي لإطلاق النار!