اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ابتدأت شراقيط الجمر حين عاد من غيابه القسري ،ففي غيابه أسّس الجماعة لمواقد الرماد ،ونسجوا خيوط النار من عفص الأشجار المرمية وسط الدروب ، وشبكوا مع نواطير حطب العوسج و غصون الشوك ،وأخذوا النهضة الى بيادرهم وصرفوا مواسمها على ملذاتهم السياسية والفكرية والفنية .

عندما أعلنوا أنهم من أصدقاء مواقد الرماد جاءهم الحطب من جميع الجهات .

ساقهم راعي الرعاة الى مراعيه الاصطناعية ، ووعدهم بأن يكون لكل راع قطيعا يسوقه الى حظيرته .

نحن في زمن الرماد منذ أكثر من ألف سنة ، ومن كان جمرا أطفأته أمطار بداية الخريف وآخر الربيع ، كان يمر بتكة واحدة وإن حالفه الحظ بتَكّات ولكن دون أن ينشد أغانيه .

منذ أكثر من ألف سنة ونحن نحيا على أمل ان يصبح الرماد جمرا ، وأن يصبح الشوك وردا ، وأن تصبح العاصفة نسيما ،وأن نرى الديك نسرا والدجاجة أم قعسم وفراخ الحمام فراخ نسور.

منذ أكثر من ألف سنة ونحن نقتل الرسل والأنبياء وأصحاب الرأي وكل من خرج من داره حاملا معوله ليحرس أرزاقه ويبشر بطيب المواسم القادمة . نقتله لأننا قررنا آلا نسمعه وإذا سمعناه قررنا آلا نفهمه .

ما كان سعادة من هؤلاء الأنبياء والرسل وأصحاب الرأي الوازن ، ما كان سعادة حدثا عاديا يعلنون الحرب عليه ، بخطة عادية ،كان سعادة حدثا غير عادي لذلك كانت مواجهته خطة غير عادية

هم يعلمون أنه أعلن الثورة حين أنشأ الحزب ، ويعلمون أنه لا يمكن اخماد جمر الثورة وتحويله الى رماد إلا بغيابه فكرا وجسدا، وهم يعلمون أيضا انه لا يمكن الوصول اليه الا بحقن بعض أتباعه من الخونة والضعفاء بسوس النزعة الفردية الذي يحول خشب السنديان الى عفص مرمي على قارعة الطريق .

كانت خياراته بعد العودة من الغياب القسري :

العودة الى السفر من جديد وتطويب الحزب بأسمائهم عند كُتاب عدل من أمثال نعمة تابت ومأمون إياس وأسد الأشقر وفايز صايغ وغيرهم

أن يوافقهم على مشوارهم ،ويشاركهم الغنائم الموعودة من الأجنبي

أن يواجههم بصورهم الحقيقية ويطردهم من الحزب .

طبيعي من أعلن الثورة عام 1932 لا يمكن له أن يتراجع الى صفوف الرجعية والاقطاعي والمتحكمين برقاب الناس لذلك خالفهم في مصر وأعلن العودة الى ساح الجهاد حين وصوله الى مدينة بيروت ، يعني أنه عاد لاستكمال التحضير للثورة .

رأى سعادة رماد الحطب يحيط به من جماع الجهات ، ورأى ان الدولة اللبنانية المدعومة من جهات عربية وأقليمية ودولية تضغط على الحزب بهدف التراجع عن مبادئه أو ترحيل سعادة من جديد الى بلاد الاغتراب .

كان يراهم سعادة يتحضرون للانقضاض عليه لذلك اعتبر أن ما حدث في الجميزة كان خطة مدبرة للقضاء على الحزب ، ولذلك رأيناه يجول في سوريه الطبيعية قبل حادث الجميزة استعدادا لمواجهة آتية ولم تعد بعيدة .

لم يكن اعلان الثورة في الرابع من تموز خيارا أراده بمحض إرادته ، بل كان مفروضا عليه ، فقد طلبه الأعداء الى المنازلة وإلا سيغزونه في عقر داره وقد فعلوها في بيروت .

أعلن سعادة الثورة القومية الاجتماعية العليا الأولى . هو يعلم انه لن يحرز انتصارا مباشرا لكنه كان يطمح للفوز بمسألتين أساسيتين :

الأولى المحاكمة حيث يسجل مرافعة لم يشهدها التاريخ من قبل .

الثانية ان يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتنكشف جماعة مواقد الرماد وأن يظهر المؤمنون بجمر الثورة لاستكمال مسيرة الثورة .

غاب الزعيم وعاد أصحاب مواقد الرماد وأوقفوا كل ما له علاقة بالثورة .

في 3 تموز 2024

الأكثر قراءة

هوكشتاين والتفاوض تحت النار... «الشياطين» في تفاصيل آليات الـ1701 بري لوقف العدوان أولاً... حزب الله: العدو لا يستطيع «إملاء الشروط» «إسرائيل» تمهّد لاستهداف المستشفيات وبوحبيب يُحرّض على طهران!