اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


فات ايتمار بن غفير أن يقول لليهود الأميركيين "أقتلوا في الحال كامالا هاريس، قبل أن تفتح صناديق الاقتراع". "اللوبي اليهودي" لن يتردد في اللجوء الى كل الوسائل لتمزيقها ارباً ارباً ما دامت قد لامست، ولو برؤوس أصابعها، التراجيديا الفلسطينية وتداعياتها على البنية الأخلاقية والسيكولوجية للأمبراطورية.

ولندع السناتور اليزابت وارن تسأل "أليس من البديهي أن تطفو تلك القضية فوق كل هذه الدماء"؟ لتلاحظ "أن مشكلة بنيامين نتنياهو في اعتقاده أنه، بتحويله غزة الى مقبرة لا نظير لها سوى مقبرة هيروشيما، يدفن القضية تحت التراب، تماماً مثلما تدفن آلاف الجثث تحت التراب".

اتهام لدونالد ترامب بأنه جاهز لمراقصة الشيطان، اذا كان من شأن ذلك أن يشق أمامه الطريق الى العرش، دون أي اعتبار أخلاقي، وهو الآتي من كل الأمكنة التي تليق ببنات الأرصفة. كيف له أن يخفي ازدراءه لبنيامين نتياهو الذي "خانه" مطلع عام 2021، حين راح يتقرب من جو بايدن، بعدما كان الرئيس السابق قد فتح أمامه تلك الأبواب التي كانت موصدة في وجهه، كطريقة مثلى يفترض بـ "الاسرائيليين" أن يسلكوها لكي يعيشوا ولو ليوم واحد، بعيداً عن قرع الطبول الذي كثيراً ما قاد اليهود الى حائط المبكى.

آفيفا تشومسكي، المؤرخة اليهودية الأميركية، اعترضت على المفهوم الشائع للبراغماتية "حين تكون الوجه البشع للزبائنية"، لترفض هذا المفهوم كونه يدمر البعد الأخلاقي في السياسة الأميركية . ولكن متى كان هذا البعد ظاهراً في السياسات الأميركية، بعدما طرح ياسوناري كاواباتا، الياباني الحائز نوبل في الآداب، على هاري ترومان هذا السؤال "هل كان ضرورياً أن تنقل جهنم الى هذه الأرض، فقط لتقول للبشرية ان أميركا حلت محل الله في ادارة الكرة الأرضية"؟

سواء في الحرب العالمية الأولى أم في الحرب العالمية الثانية، وحتى في الحروب التي شبت مع هبوب الحرب الباردة، ودائماً تحت شعار القضاء على "الايديولوجيات الشريرة"، دأب الرؤساء الأميركيون على التذرّع بـ "الضرورات الأخلاقية"، وأن ما يفعلونه لمصلحة "النوع البشري" لا لمصلحة ديناصورات المال. لعلنا نستعيد قول الشاعر التشيلي الرائع بابلو نيرودا "هؤلاء الذين لا يجدون فارقاً بين أن تدوس أقدامهم، وهي أقدام الفيلة، شقائق النعمان والصلاة أمام صورة السيدة العذراء".

دونالد ترامب الذي وضع نفسه بين خيارين "البيت الأبيض أو القبر"، لا يتوانى عن استخدام تلك الخدعة الساذجة واللامنطقية لاستقطاب الناخب اليهودي (معاداة السامية). مصطلح فارغ، بل ومصطلح كاريكاتوري . اذا كلنا، وبحسب الرواية الدينية وحتى الليتورجيا الدينية، نتحدر من آدم. ما الذي يتغير اذا تحدرنا من أحد أبناء آدم؟

لا نتوقع أن تكون هاريس أقل اهتماما بـ "اسرائيل"، لكنها أكثر اهتماماً بأميركا. ولأنها كذلك يفترض بالدولة العبرية أن تعي مدى التداعيات الكارثية لدقة الوضع في الشرق الأوسط، وقابليته للانفجار. ولكن أليس الانفجار رهان "حاخامات" الائتلاف؟

في أميركا دعوة الى "اسرائيل" بأن تتولى "ادارة الذع" بالحد الأدنى من المنطق، أي الحفاظ على علاقات مصيرية مع الولايات المتحدة. ولكن ألا ينظر اليهود الى الآخرين لا ككائنات بشرية وانما كظلال بشرية أو حتى، كما كان الروائي عاموس آوز يقول "مصطلحات بشرية".

"الواشنطن بوست" تحدثت عن نوع آخر من الطوفان. ليس غلاف غزة هو الذي يسقط بل أسوار البيت الأبيض في جادة بنسلفانيا.

روبرت كينغ، كباحث في "الكراهية"، ينتظر وهو يتابع المسار الجنوني لترامب الذي "التف بالضباب"، دون أن يقدم اطاراً للحل في الشرق الأوروبي وللشرق الأوسط، كي يحاسب ديموقراطياً في الوقت المناسب. لهذا لا بد أن يصرخ ذات يوم "اني اغرق، اني أغرق، اني أغرق"...

الأكثر قراءة

صدمة بزشكيان