اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تشهد ليبيا حالة جديدة من التصعيد السياسي بين الأطراف المتصارعة في شرق البلاد وغربها، وهو ما يلقي بظلاله على مصير الاتفاق السياسي الذي أقر في جنيف عام 2021 برعاية الأمم المتحدة، وفق خبراء.

وحسب محللين وسياسيين، فإن الاتفاق السياسي شارف على الوصول إلى خط النهاية، وثمة حاجة ملحة للجلوس إلى طاولة الحوار مجددا، بهدف تجنب دخول ليبيا في صدام عسكري جديد.

ففي التاسع من آب الجاري، وقعت اشتباكات غير واضحة الدوافع بين فصيلين مسلحين مرتبطين بحكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس غرب البلاد، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وجرح العشرات قرب العاصمة الليبية.

ويوم 11 من الشهر نفسه، طوق عشرات الأشخاص -بعضهم مسلح- مبنى تابعا لمصرف ليبيا المركزي في طرابلس لطرد محافظ البنك، حسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية، قبل أن يتم تفريقهم.

ويتعرض محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لانتقادات من أوساط رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بسبب إدارته للميزانية والثروة النفطية في هذا البلد الغني بالمحروقات.

ودفع هذان الحادثان السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند إلى القول -عبر منصة إكس- إن "حدوث اشتباكات جديدة بين جماعات مسلحة خلال الأيام الأخيرة يظهر المخاطر المتواصلة التي يطرحها الجمود السياسي في ليبيا".

ورأى كذلك أن "من غير المقبول" طرد محافظ البنك المركزي بالقوة من منصبه الذي يشغله منذ العام 2012، معتبرا أن ليبيا قد تخسر بذلك الوصول إلى الأسواق المالية العالمية.

انقسامات

وتعاني ليبيا انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤونها حكومتان: الأولى معترف بها دوليا في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان وخليفة حفتر.

وقرر مجلس النواب المنعقد في بنغازي (شرق البلاد) إنهاء مهام السلطة التنفيذية في طرابلس، واعتبار حكومة أسامة حماد في شرق البلاد "شرعية" حتى اختيار حكومة موحدة.

كذلك، أقر المجلس سحب صفة "القائد الأعلى للجيش" من المجلس الرئاسي، وهي هيئة منبثقة عن اتفاق عام 2021 وتمثل مناطق البلاد الثلاث، وإعادتها إلى رئيس مجلس النواب.

وردا على ذلك، اعتبرت حكومة الوحدة الوطنية التي تحظى باعتراف دولي أنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي، "وتلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتنهي المرحلة الانتقالية"، في إشارة إلى اتفاق جنيف.

وفي الفترة من نيسان 2019 حتى حزيران 2020، حاول معسكر حفتر السيطرة على طرابلس، لكنه فشل بعد معارك عنيفة. وبعد وقف إطلاق النار، وقع اتفاق عام 2021 في جنيف برعاية الأمم المتحدة أقام هيئات موقتة.

ونص اتفاق جنيف على تولي سلطة تنفيذية (حكومة الوحدة الوطنية) والمجلس الرئاسي التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية في كانون الأول 2021، لكنها أرجئت حتى إشعار آخر بسبب تجدد الخلاف السياسي وتوترات أمنية.

حرب مفتوحة

من ناحيتها، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأسبوع الماضي إنها تتابع "بقلق الإجراءات الأحادية الأخيرة من جانب أطراف ومؤسسات ليبية سياسية وفاعلة في شرق البلاد وغربها وجنوبها"، معتبرة أنها "تفضي إلى تصعيد التوتر وتقويض الثقة والإمعان في الانقسام المؤسسي والفرقة بين الليبيين".

وشددت البعثة الأممية -في بيانها- على مواصلة مشاوراتها مع القادة الليبيين والأطراف الإقليمية، بغية التوصل إلى "توافق" والدفع بالجهود الكفيلة بإنهاء "الجمود السياسي القائم".

ويترافق هذا التوتر مع مخاوف من تجدد الصراع المسلح، حيث شهد غرب ليبيا تحركات عسكرية بعد إعلان مفاجئ لقوات حفتر -الرجل القوي في شرق البلاد- إجراء تحركات عسكرية جنوب غرب طرابلس قرب مناطق تحت سيطرة حكومة غرب ليبيا. قابلتها حالة "استنفار وتأهب عسكري" من طرف حكومة طرابلس.

وقوبلت هذه التحركات برفض دولي وأممي واسع، لتسارع قوات حفتر نفي نيتها شن هجوم عسكري، مؤكدة أنها فقط تستهدف "تأمين الحدود الجنوبية للبلاد".


الأكثر قراءة

نتانياهو يرضخ لمعادلات الميدان: وقف النار خلال ساعات؟! لبنان يفرض باريس في اللجنة ولا تعديلات على الـ 1701 التدمير العشوائي مستمر...» ربع الساعة» الاخيرة الاكثر خطورة