اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


"أي هاوية، بل اي محرقة يدفع اليها "الاسرائيليين" هؤلاء الحمقى، حين يعتبرون ألاّ وجود للفلسطينيين الذين يساوي تعدادهم تعداد اليهود في العالم على سطح الأرض، وهم الذين نلتقي بالكثير من أدمغتهم ان في الجامعات أو في المختبرات الغربية الكبرى"؟

 السؤال للفيلسوفة اليهودية الأميركية جوديت باتلر، التي توجهت غاضبة الى أركان "الايباك" (اللوبي اليهودي)، الذين يرون في بنيامين نتنياهو الرجل الذي يشق الطريق أمام "الماشيح" بانتظار أن تدق ساعة الخلاص.

 رأت "أننا الحمقى حين نمد له السجادة الحمراء الى الكابيتول ليبلغ الأميركيين "لولانا لما كان لكم موطئ قدم في الشرق الأوسط". هل يعلمون أنه لولا وودرو ويلسون لما كان هناك وعد بلفور، ولا الوطن القومي لليهود الذي لم يكن ليقوم أو ليبقى لولا المظلة الأميركية، ما بداً جلياً في حرب غزة حين أطلق يؤاف غالانت صيحة الاستغاثة، لأن القنابل نفدت من الأسبوع الأول؟

" الاسرائيليون" في غالبيتهم، اما لا يعترفون بوجود شعب فلسطيني، أو على الأقل يرفضون العيش معه. في هذه الحال، ما جدوى أن يتحدث الأميركيون عن حل الدولتين، ما لم يقترن ذلك ليس فقط بتغيير الطاقم القيادي في الدولة العبرية، بل بتغيير البنية الايديولوجية لهذه الدولة، الأمر المستحيل بعد عقود من التسويق النظري والعملاني لثقافة الدم لدى الأجيال. ومنذ أن ظهرت منظمات ارهابية مثل "الهاغانا" و"شتيرن" و"الايرغون"، التي أرست المفاهيم الاسبارطية للمؤسسة السياسية وللمؤسسة العسكرية في "اسرائيل".

 ذات يوم، قال ادوار سعيد "الديبلوماسيون الأميركيون يتزلجون فوق آلامنا، كما لو أنهم يتزلجون على الجليد". ما من أحد من الرؤساء الأميركيين حاول الدخول الى عمق "التغريبة الفلسطينية". الكل نظروا الى الصراع على أنه صراع تقليدي. هنري كيسنجر قد يكون الوحيد بين وزراء الخارجية، ربما بخلفيته اليهودية أو بخلفيته الفرويدية، توغل في حيثيات الصراع ليقول "أزمة الشرق الأوسط ولدت مع الله وتموت مع الله".

 لم يفعل شيئاً سوى أنه حاول حل مشكلة "الاسرائيليين" لا مشكلة الفلسطينيين عبر هاتين الطريقتين: الأولى خلع أسنان أعداء "اسرائيل" أو اقصاؤهم عن الحلبة ، هو من خطط لتلك اللحظة التي ظهر فيها أنور السادات في "الكنيست" لتكون لحظة العار. تذكرون صرخة أمل دنقل آنذاك "أيها الفراعنة اخجلوا وانزلوا عن عروشكم". ما من فرعون عربي اهتز عرشه أو اهتز رمشه.

 الثانية، ابعاد الفلسطينيين، وهم أهل الأرض، عن "أرض الميعاد". نقلهم ولو بعربات الموتى الى بلدان عربية تتمتع بقائض جغرافي. الغريب أن كيسنجر أياه وصف لبنان الذي يضيق بسكانه بـ"الفائض الجغرافي"، ما يجعلنا نسأل اذا كان الرجل يخطط لترحيل المسيحيين فقط؟ أم كان يزمع ترحيل أبناء طوائف أخرى؟

 هو من قال في وقت لاحق "مثلما المشكلة الفلسطينية مستحيلة المشكلة "الاسرائيلية مستحيلة". مستحيلان وجهاً لوجه. "اذا ... الحل قد يكون في العالم الاخر"!

 حرب العام التي قد تمهد لحرب المائة عام ـ ولعلها بدأت فعلاً ـ وضعت حقائق هائلة أمام أركان الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وليس فقط أمام ادارة جو بايدن. "اسرائيل" بجنونها العسكري كذلك باخفاقاتها العسكرية، تحولت الى عبء على المصالح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. بقاء هذه المصالح ولو على المدى البعيد، رهن بحل القضية الفلسطينية .

 ولكن لطالما حاولت الادارات المتعاقبة الافادة من ذلك الصراع، لابقاء العرب داخل الدوامة القبلية، أو لتشتيتهم باثارة الشهية الأمبراطورية لدى قوى اقليمية، اذا تذكرنا ما كان يفعله الشاه محمد رضا بهلوي، وما فعله ويفعله ورثة السلطنة العثمانية .

 جون كيربي، مستشار الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، رأى "ان اندلاع حرب شاملة بين "اسرائيل" وحزب الله قد يؤدي الى نتائج كارثية غير متوقعة" (على أميركا و"اسرائيل" بطبيعة الحال).

 ماذا يعني أن يصدر في هذا الوقت بيان أميركي ـ بريطاني يشدد على "أهمية تجنب أي تصعيد في الشرق الأوسط، من شأنه تقويض آفاق السلام والتقدم نحو حل الدولتين" ؟ لكن دونالد ترامب الذي هاله ضيق مساحة "اسرائيل"، لكأنه وعد بتوسيعها (القطاع والضفة وربما جنوب لبنان).

 لم يقل هنري كيسنجر مشكلتان مستحيلتان وقد تفجّران الشرق الأوسط. في رأينا قد تفجران .. العالم !!

الأكثر قراءة

هوكشتاين يُحذر «إسرائيل» من حرب فاشلة... ومحور المقاومة يُفعّل خطط الردّ صاروخ «فلسطين2» يُغيّر قواعد الإشتباك... هل لدى حزب الله «الفرط صوتي»؟