اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في ظل الحرب القاسية التي يعاني منها لبنان اليوم، لا تقتصر المآسي على الجرحى والشهداء والتهجير، بل تمتد لتشمل الأمراض التي قد تنتج من الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها اللبنانيون المهجرون. يعيش الكثير منهم في الشوارع، حيث يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة من مياه نظيفة ومرافق صحية، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية.

هذه البيئة القاسية، التي تفتقر إلى الرعاية الصحية والنظافة الأساسية، تشكل أرضا خصبة لتفشي أمراض مثل الإسهال، التهابات الجهاز التنفسي، والجلدية، إضافة إلى الأمراض الناجمة عن تلوث المياه وسوء التغذية، ما يضاعف من معاناة هؤلاء المهجرين الذين يكافحون للبقاء في ظروف لا إنسانية.

أمراض التهجير القسري!

التهجير القسري والعيش في الشوارع تحت ظروف غير صحية يعرض المهجرين، وبخاصة في لبنان، لخطر الإصابة بالعديد من الأمراض الناتجة من انعدام المياه النظيفة والمرافق الصحية الأساسية، وسوء التغذية. وهذه بعض الأمراض التي قد تنجم عن ذلك بالتفصيل:

- الكوليرا: تنتشر بسبب تلوث مياه الشرب بالبكتيريا، حيث يؤدي انعدام المراحيض والمياه النظيفة إلى تفاقم المشكلة. تسبب الكوليرا إسهالاً حادًا يؤدي إلى الجفاف الشديد، وقد يكون مميتًا إذا لم يُعالج بسرعة.

- التيفوئيد: ينتج من شرب أو تناول طعام ملوث ببكتيريا السالمونيلا، والتي تنتشر في بيئات تفتقر إلى النظافة. يمكن أن يسبب التيفوئيد الحمى المرتفعة وآلام البطن والإرهاق الشديد.

- التهاب الكبد A: ينتقل هذا المرض الفيروسي عن طريق تناول مياه أو طعام ملوث ببراز الأشخاص المصابين، ويؤثر في الكبد مسببًا الحمى والتعب واليرقان.

- التهابات الجهاز التنفسي الحادة: بسبب الاكتظاظ في الأماكن غير الصحية وعدم توافر التدفئة المناسبة أو الملابس، يزيد خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد الحادة، والتهاب الشعب الهوائية، والالتهاب الرئوي.

- السل: ينتقل هذا المرض بسهولة في الأماكن المكتظة وغير الصحية، خاصة بين الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب سوء التغذية أو الظروف المعيشية السيئة.

- الجرب: ينتشر الجرب نتيجة الاحتكاك الجسدي المباشر في بيئات مزدحمة تفتقر إلى النظافة الشخصية. يسبب الجرب حكة شديدة وطفح جلدي نتيجة لانتقال العث المسبب للمرض.

- الالتهابات الفطرية: بسبب سوء النظافة الشخصية وتعرض الجلد للرطوبة، يمكن أن تتطور الالتهابات الفطرية مثل قدم الرياضي وغيرها، مما يؤدي إلى تهيج الجلد والحكة.

- الدوسنتاريا: تسببها بكتيريا أو أميبات تنتقل عبر المياه أو الطعام الملوث، وتؤدي إلى إسهال دموي حاد وآلام في البطن. يمكن أن تؤدي الدوسنتاريا إلى الجفاف الشديد، خاصة في ظل عدم توافر مياه نظيفة.

- التسمم الغذائي: ينتج عن تناول طعام ملوث بالبكتيريا، ويؤدي إلى آلام في المعدة، إسهال، وقيء.

- سوء التغذية: في ظل نقص الطعام الصحي والغذاء المتوازن، يعاني الكثير من المهجرين من سوء التغذية، مما يضعف جهاز المناعة ويجعل الجسم عرضة للإصابة بالأمراض بشكل أكبر. يمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى مشاكل صحية خطيرة مثل نقص الفيتامينات والمعادن، مما يزيد من خطر الإصابة بفقر الدم وضعف العظام وتأخر النمو لدى الأطفال.

- القلق والاكتئاب: الظروف القاسية للتهجير وانعدام الاستقرار تزيد من الضغوط النفسية، مما يؤدي إلى اضطرابات مثل القلق والاكتئاب.

- اضطراب ما بعد الصدمة: بسبب التعرض المستمر للعنف وفقدان الأحبة والمنازل، قد يعاني المهجرون من اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، الذي يظهر من خلال الكوابيس والذكريات المؤلمة والانطواء.

الأطفال هم الأكثر تضرراً

التأثير في الأطفال جراء التهجير القسري والعيش في ظروف غير صحية يُعد من أكثر الجوانب المقلقة، حيث يكون الأطفال من الفئات الأكثر ضعفًا وتأثرا. يمكن أن تكون هذه التأثيرات صحية، نفسية، وتنموية، وتؤثر بشكل كبير في نمو الطفل وتطوره:

- سوء التغذية وخطر التقزم وفقر الدم: يُعد سوء التغذية من أخطر النتائج التي يواجهها الأطفال في النزوح القسري. ففي ظل انعدام الغذاء الصحي والمتوازن، يتعرض الأطفال لنقص حاد في العناصر الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن. هذا النقص لا يؤدي فقط إلى تأخر في النمو الجسدي، بل يمكن أن يؤدي إلى التقزم، حيث يعاني الأطفال من عدم القدرة على تحقيق الطول الطبيعي المناسب لأعمارهم.

إضافةً إلى ذلك، يؤدي نقص الحديد وفيتامينات B إلى فقر الدم، وهي حالة تنقص فيها كريات الدم الحمراء السليمة التي تحمل الأكسجين إلى الجسم، مما يؤثر سلباً على مستوى النشاط والطاقة لدى الأطفال، ويجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض بسهولة أكبر. كما يؤدي ضعف التغذية أيضاً إلى ضعف جهاز المناعة، وهو ما يزيد من احتمالية إصابة الأطفال بالأمراض المعدية مثل الإسهال، التهابات الجهاز التنفسي، والتهاب الشعب الهوائية.

- النمو المتعثر والتأثيرات العقلية: الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية لا يقتصر تأثيره فيهم على الجانب الجسدي فقط، بل يمتد إلى تطورهم العقلي. نقص العناصر الغذائية اللازمة للدماغ يؤثر في تطور الدماغ والقدرات الإدراكية، مما يؤدي إلى تأخر في النمو الذهني.

- التأثيرات النفسية: عدم الحصول على التغذية السليمة يعزز شعور الطفل بالإحباط والقلق، ويزيد من حدة التوتر النفسي الذي يعيشونه في بيئات النزوح. هذه العوامل تؤثر سلباً في الصحة النفسية، مما يؤدي إلى ظهور مشكلات سلوكية مثل الانطواء أو العدوانية، ويزيد من تحديات النمو والتطور لديهم.

في خضم هذا الصراع الدامي، تبرز معاناة الإنسان البسيط الذي يبحث عن الأمان والحياة الكريمة. إن الأمراض التي تستعر بين النازحين هي كجرح غائر في جسد المجتمع اللبناني. يتطلب الأمر تضافر الجهود وتوحيد الصفوف لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية، والعمل على تحقيق السلام والاستقرار في لبنان، حتى يتمكن النازحون من العودة إلى ديارهم ويعيشون حياة كريمة!

الأكثر قراءة

«حبس انفاس» بانتظار نتائج الانتخابات الأميركيّة والردّ الإيراني صمود المقاومة براً يضع حكومة العدو أمام خيارات «أحلاها مرّ» قائد الجيش «مُستاء» ويكشف معطيات عن الإنزال: تعرّضنا للتشويش