اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لم يكن اجتماع خمسين نائبا من مختلف الكتل النيابية في قاعة المكتبة العامة لمجلس النواب تفصيلا عاديا، فقضية التهجير الكبيرة تفرض نفسها على الجميع. وتداركا للأسوأ ومنعا لأي فتنة كان لا بد من الاجتماع، من اجل وضع خطة تعامل مع الأزمة، على الرغم من الانقسام السياسي الحاد. وهكذا وضع النواب خلافاتهم السياسية جانبا، وتناقشوا في قضية التهجير بتداعياتها وتأثيراتها، وتم وضع مقاربة مشتركة للتعامل مع الأزمة.

وفي خلاصة الاجتماع النيابي صدرت المواقف التي اعتبرت التهجير قضية وطنية تتناول كل المجتمع، وتم التنويه بالاحتضان المناطقي الذي قدم صورة معبرة عن الانتماء الوطني، مع مطالبة حكومة تصريف الاعمال والأجهزة الأمنية بالحفاظ على أمن المهجرين والمقيمين، وتطبيق القوانين بحزم.

الاجتماع النيابي كما تقول مصادر سياسية كان لافتا في الشكل، اذ جمع بين نواب يمثلون المجتمع المهجر من الجنوب والبقاع والضاحية، بنواب المجتمع المضيف من بيروت وجبل لبنان والشمال، وتم الاتفاق على عناوين محددة. وفي الشكل أيضا لم يكن اجتماعا نيابيا وفق النظام المجلسي الداخلي، لأنه حصل في المكتبة العامة. وعلم ان عددا من النواب لم يكونوا على علم مسبق به، ومع ذلك شاركوا من منطلق الحس بالمسؤولية ومخاطر قضية النزوح .

اما في المضمون تضيف المصادر، فتم وضع آلية وخطة عمل مع توجيه شكر للمجتمع الذي استضاف المهجرين، ودعوة الحكومة والأجهزة الأمنية لحماية المقيمين والمهجرين. وتؤكد المصادر ان قضية التهجير هي في الوقت الحالي أولوية قصوى، على رغم التباين السياسي الكبير في البرلمان والانقسام حول الحرب، فمشهد مجلس النواب في ملف التهجير هو صورة عن التضامن اللبناني المناطقي، لمنع تسلل الفتنة، ويشبه مشهد تشييع الرائد محمد فرحات في رشعين، الذي تهجرت عائلته من رأس العين في قضاء صور الى زغرتا، حيث سجي الجثمان في كنيسة مار مارون مما عكس الصورة الحقيقية للبنان الرسالة.

مع ذلك، تؤكد المصادر ان تخويف اللبنانيين من التهجير الكبير، واستجرار الحرب ليس في محله، لأن لا أحد في لبنان يريد الحرب الأهلية او يسعى اليها رغم الانقسام السياسي، ومع ان فريقا اساسيا من اللبنانيين رفض حرب إسناد غزة واقحام لبنان فيها، لكن هذا الفريق لا يحبذ لغة العنف والتقاتل بين اللبنانيين، واستنادا الى المواقف والنقاشات حتى في صفوف الأحزاب المعارضة لحزب الله، لا يبدو ان هناك نية او رغبة بالتوتير الداخلي والسقوط في الحرب الأهلية.