اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



كيف للبنان أن يختار بين الغرنيكا العسكرية والغرنيكا الديبلوماسية؟ ما يفترض أن يثير اهتمامنا وذهولنا في آن السؤال الذي يتردد في الظل. من يعدو وراء الآخر لعقد صفقة قد تغيّر المسار الاستراتيجي للشرق الأوسط، الايرانيون الذين أكتشفوا عبثية صراعهم مع الولايات المتحدة، أم الأميركيون الذين يعتبرون أن علاقات جيدة مع آيات الله لا تقتصر مفاعيلها على دور بلادهم في المنطقة، بل يتعداه الى دورهم في القرن؟

هكذا، تزامناً بين تصريحات مسعود بزشكيان "العاطفية" حيال واشنطن، كلام لـ "النيويورك تايمز" عن لقاء سري بين ايلون ماسك، مستشار دونالد ترامب، مع مندوب ايران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد ايرواني يوم الاثنين الفائت، مع علمنا بما يعنيه تسريب خبر على هذا المستوى من الحساسية في الديبلوماسية الأميركية (لماذا جاء النفي بعد 5 أيام من نشر الخبر، وحتى بعد كلام معلقين من طهران عن ذلك اللقاء؟)

كل الأجواء الدولية (لا مكان ولا مكانة للاقليم في الحسابات الدولية الا كفناء خلفي للأمبراطورية) مؤاتية لكي تحاول اسرائيل فرض شروطها، وهي التي على بيّنة من الخراب السياسي في لبنان، حين تكون المقاومة التي لا ظهر ولا ظهير لها، تقاتل في ظروف لا نظير لها في التاريخ. هذا راي خبراء دوليين يتحدثون عن "ملحمة القرن"، وهم يرون هول الأرمادا الجوية والبرية والبحرية الاسرائيلية، بأبعادها الهمجية.

الآن، يرى معلقون مقربون من الائتلاف الحالي أن الأوان آن للوصاية الاسرائيلية على لبنان، بعد تلك الوصايات التي ذهبت بها الحروب، والصراعات، أدراج الرياح. منح تل أبيب صلاحية ضرب أي هدف داخل لبنان اذا ما لاحظت ما يهدد أمنها الاستراتيجي. قد يكون وجود أي شخص معاد لاسرائيل يحتسي القهوة في أحد مقاهي الحمراء هدفاً لغارة على شاكلة الغارات التي تشنها الأن، وحيث تتحول مدن، وقرى، الى مقابر.

ربما كنا أمام المشهد الأكثر غرائبية، والأكثر سريالية. أميركا التي تمدّ الدولة العبرية بكل ما يقتضيه موتنا تحت الأنقاض، وتحت الكاميرات، هي الوسيط ، ونحن في هذا العراء العظيم ـ الخواء العظيم ـ لأنها، بحسب الرئيس نجيب ميقاتي. تحبنا. هو حب يوضاس للسيد المسيح...

واذا كنا قد أخذنا من السينودس الأخير مصطلح "عولمة اللامبالاة"، كيف يمكننا وصف المواقف العربية، وان قيل لنا "هذه حرب حركة حماس في غزة وحرب حزب الله في لبنان، وهي حرب ايران لا حربنا"؟ لنفترض أن هذا صحيح، ما هي هوية الضحايا، وما هي أرض الضحايا؟

قبلاً، نحن ضحايا السياسات القبلية والسياسات الغيبية. اذ تدق ضوضاء الدم على ظهورنا، نسأل لماذا انتاج الآلاف من رجال الدين الذين يتصدرون المجالس، ويملأون رؤوسنا بالمواعظ، دون أن ننتج عالماً تكنولوجياً واحداً في مواجهة حالة بنت قوتها، وحتى قبل اعلان قيامها كدولة، على الدخول، ومنذ أكثر من 100 عام، في عالم التكنولوجيا، لنكتفي باتهام الاميركيين باقفال أبواب الفرن في وجهنا. هل نحن كائنات هلامية الى ذلك الحد؟

الآن، نحن في ظل ادارة أميركية تتطابق في الايديولوجيا وفي الاستراتيجيا مع اسرائيل، دون أن يكون لنا من سبيل لوقف هذا الخراب الأبوكاليبتي، سوى واشنطن. ولكن كيف لنا أن نقبل باتفاق يولي القاذفات الاسرائيلية صلاحيات البقاء فوق رؤوسنا، لترصد حتى كيفية استخدامنا سكاكين المطبخ. أيهما "أشد مضاضة"، ومرارة الاحتلال البري أم الاحتلال الجوي؟

لعلكم تتابعون ما يكتبه، أو ما يقوله، معلقّو اليمين في اسرائيل (وعندنا العشرات من هؤلاء الذين يتقيأون على الشاشات). لا مجال للسلام في لبنان الا اذا فتح أبوابه أمام صفقة القرن. دولة البيفرلي هيلز، ودولة لاس فيغاس. لا دولة اقتصاد المعرفة (الاقتصاد البنفسجي)، حين نكون على تخوم الغيب، وتكون اسرائيل على تخوم ما بعد التكنولوجيا، وحتى، كما قال وزير التكنولوجيا أوفير أكونيس، ما بعد القرن.

ما يفترض أن يثير هلعنا الآن، وأن يتنبه اليه أولياء أمرنا الذين يدورون في حلقة مفرغة، بانتظار أن يهبط علينا آموس هوكشتين، بأجنحة الملائكة. أن الحكومة الاسرائيلية تريد الابقاء على لغة النار في لبنان، لتغطية السيناريو الخاص بالحاق المنطقة "ج" من الضفة الغربية باسرائيل، وكذلك شمال غزة، وبرعاية أميركية هي واضحة للملأ...

مثلما يريد ترامب أن يحكم العالم، نتنياهو يريد أن يحكم الشرق الأوسط. من يصفق الباب في وجهه؟ أنظروا الى ما يحدث في الجنوب، على تراب الجنوب...

الأكثر قراءة

نهاية سوريا نهاية العرب