اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


كضحايا للأزمنة الضائعة، وللأمكنة الضائعة، أي نظام عربي يستطيع أن يحمي الدولة التي يحكمها، دون الوصاية الخارجية، سواء ولد هذا النظام على ظهر دبابة، أو في مصنع للدمى. لكأن فلسفة "والت ديزني" حلت محل فلسفة ابن خلدون، وسواء ولدت هذه الدولة بالسكين الأنكليزية أو بالسكين الفرنسية، ناهيك بالصدفة القبلية أو الصدفة التاريخية.

هكذا نبقى، كما الأسماك الميتة، في ثلاجة الأزمنة. كثبان رملية حيناً تذرونا الرياح، وحيناً تذرونا الدماء، دون أن يكون لنا موطئ قدم (أصبع قدم) في القرن. ألسنا في لبنان، وحالنا حال أي دولة عربية، ننتظر من ينتقي حتى لون عظامنا، لنصل الى تلك اللحظة، وحيث بقاؤنا رهن ما يتفوه به الاله الأميركي، لا بما تفوه به الله؟ هنا ما جدوى رجال الدين الذين كلما تكاثروا (وهم يتكاثرون بطريقة تثير الذهول) في التسويق، وبتلك الضحالة (التي تثير الذهول أيضاً) لثقافة الله؟

ما يحدث في سوريا ، لا بد أن يكون له تأثيره في لبنان. من تراه يصد أولئك البرابرة الذين ترعرعوا في كهوف تورا بورا، اذا حاولوا اختراق حدودنا، ولقد أخترقوها قبلاً، ورأينا من يذهب اليهم بأطباق الحلوى وبحقائب المال، كذلك بأطيب التمنيات، لأننا لسنا بالدولة، ولا بالشعب. الآن، وبعد تلك السلسلة الطويلة من الكوارث التي دمرت كل شيء فينا (هل بقي من شيء فينا؟)، ما زلنا على تصدعنا وعلى تبعيتنا، حتى اننا لا نستطيع أن ننتخب رئيس جمهوريتنا (اليوم اليوم). رئيس بالصلاحيات الملتبسة، وحتى بالشخصية الملتبسة. هكذا حال، كيف لها أن تنتج دولة، حتى بالمفهوم الكلاسيكي للدولة؟

حين لا تكون هناك دولة تستطيع بالحد الأدنى، ولو بوحدة الكلمة ووحدة الموقف، أن تحمينا من الغزو "الاسرائيلي" (ليس الآن فقط)، وما يحكى عن الغزو الفلسطيني، والغزو السوري، والغزو الايراني، لماذا كل ذلك العبث اللغوي. اما أن نكون مع أميركا (الغزو الأميركي) أو لا نكون. مثلما هي تصنع الأزمات تصنع التسويات، ومثلما هي تصنع الحرب تصنع السلم. وحين نشاهد جنيفر لوبيز ترقص فوق أكتاف بعضنا، نشاهد الـ MK ترقص فوق سطوح بعضنا الآخر. أين هي سطوح منازلنا التي سقوطها، يا صاحبي، لكأنه سقوط الحياة...؟

الآن دور سوريا في مسلسل الكوارث (ومتى توقف فيها مسلسل الكوارث منذ أن فتح رجب طيب اردوغان حدوده، وملاهيه الليلية أمام تلك الجحافل الآتية للتو من العصر الحجري؟)

 مثلنا تخلخل داخلي مروع، ووباء طائفي تمت برمجته في مكان ما من الجحيم، حتى ان محيي الدين بن عربي طلب حق اللجوء (الفلسفي) ربما الى قبر هولاكو.

لم تعد تقنعنا الصيحات ولا البهورات ولا المواعظ. نعلم ما حال الجيش السوري الذي واجه ما لم يواجهه أي جيش في التاريخ. ولكن، أين هي روسيا (ونخشى أن يصل أبو محمد الجولاني الى موسكو)؟ وأين هي ايران التي أمام مفترق بالغ الدقة وبالغ الخطورة، عشية عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض؟ مشكلتنا بحلفاء يتقلبون بين المصائب والمصائب!

حتماً لسوف نتهم بالانهزامية، وبالعمالة (العمالة لمن؟).  اننا مع المقاومة، ومع رجال المقاومة الذين كسروا، المرة تلو المرة، أنف أولئك "الحاخامات" الذين قلنا ونقول، إنهم آتون من ليل الأمم، ومن ليل القبائل. وحدهم في الخندق في الدفاع عن لبنان وعن تراب لبنان، والا لكانت دبابات هرتسي ليفي قد وصلت الى القصر الجمهوري مثلما وصلت قبلاً، دبابات آرييل شارون. مع المقاومة فقط، ودون أي جهة أخرى، بعدما تبين لنا في أي دولة نحن (دولة مين ايدو الو) وفي أي منطقة نحن (منطقة هي سوق العبيد وتحسب نفسها سوق الآلهة).

تاريخياً وجيوسياسياً، ما يصيب سوريا يصيبنا (لا اشقاء لنا ولا حلفاء)، حين نكون في مواجهة ياجوج وماجوج، ولأن من اجتاح حلب يفكر، وقد فكّر سابقاً في اجتياح طرابلس، وهو الذي طالما حاول الوصول الى الثغور كنافذة أو كبوابة على العالم.

مَن لم يستطع أن يحمي حلب في المرة الأولى وفي المرة الثانية، كيف له أن يحميها في المرة الثالثة؟ التحرير يعني التدمير. فهل تتحمل، وهي جوهرة الاقتصاد السوري والصناعة السورية، وحاضرة طريق الحرير، الدمار مرة ثانية. ابحثوا عن طريقة أخرى لاخراج تلك الظواهر الهمجية من مدينة كانت المثال في عبقرية القلب (القدود الحلبية)، وفي عبقرية اليد (لا تتصوروا أي مصانع كانت في حلب والى أين كانت تذهب منتجاتها.)

لن يعود لبنان لبنان، ولن تعود سوريا سوريا، ليس لأننا في العصر الأميركي، بل لأننا في الزمن الأميركي الذي كلما مضى في تدجين العالم، مضى في قتلنا وفي تقطيع أوصالنا.

تلك المرحلة الضائعة، المنطقة الضائعة، الأمة الضائعة. بخيوط العنكبوت يجرنا الأميركيون الى حيثما شاؤوا، والى حيثما يشاؤون. أن نرقص عراة حول الهيكل، وقد أصبحنا عالة على العالم وعالة على التاريخ، تصوروا أن يرى فينا جون بولتون... عالة على أميركا!!

 

الأكثر قراءة

حزب الله يتدخل لانقاذ «وقف النار»... الاتفاق «يهتز ولا يقع»؟ العدو يريد فرض وقائع ميدانيّة... «والكرة» في ملعب الدول الضامنة