اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مع بقاء قوات الاحتلال في التلال الخمس، تكون المحطة الثانية لهذا الاسبوع قد حسم مصيرها، بعد الانتهاء من البيان الوزاري ببنوده الخلافية، والذي بات جاهزا لخوض النقاش حوله في مجلس النواب، حيث يتوقع المراقبون ان تشهد جلسات الثقة «حماوة» لن تخلو من المفاجآت غير المتوقعة، قد يكون من بينها حجب الثقة عن «الحكومة السلامية»، ما يجعلها حكومة تصريف اعمال، معيدا الامور الى المربع الاول.

كل هذا يحدث على رغم الصراخ الديبلوماسي اللبناني الذي لم تصل اصداؤه لا الى واشنطن ولا الى تل ابيب، فيما الانظار متجهة الى يوم التشييع الاحد، وما سيحمله معه من استعراض قوة لشعبية الثنائي وبيئة المقاومة الذي سيحاول التعويض في الشارع عن «خسائره» السياسية، ومحاولات تطويقه الداخلية والخارجية، مظهرا وجها جديدا من وجوه مقاومته، قد تكون عنوان المرحلة المقبلة من عمله الميداني والسياسي.

الانسحاب من الجنوب

لم يكن خافيا من حركة الاتصالات الديبلوماسية خلال الايام الاخيرة، ان رئيس الوزراء الاسرائيلي، قد وضع لبنان في صلب مشروعه المشترك مع واشنطن للشرق الاوسط الجديد، الذي ترسمه تل ابيب بدعم مطلق من الادارة الجمهورية، وبضوء اخضر حمله معه وزير الخارجية مارك روبيو، وهو ما بينه المؤتمر الصحافي المشترك، عقب لقائهما، عشية الثامن عشر من شباط، حيث ظهر حزب الله على انه من المشاكل الاساسية التي تستوجب الحل اليوم، وإن البقاء في المواقع الخمسة الاستراتيجية بموافقة اميركية، جزء اساسي من هذه المواجهة.

وتشير مصادر ديبلوماسية في هذا الاطار، الى ان الولايات المتحدة الاميركية و «اسرائيل»، تواكبان التطورات السياسية والامنية على الساحة اللبنانية عن كثب وبدقة، محاولتين الاستفادة من كل الصراعات والخلافات الداخلية، عاملتين على تغذيتها، عبر الحديث عن الدورالمرتقب للعهد والجيش اللبناني، في مواجهة الحزب. وهو ما عبر عنه صراحة نتانياهو وايده فيه روبيو من مبدأ «منح العهد الفرصة، والا فالبديل هو العودة الى عملية برية»، «فالمشكلة يجب ان تحل من جذورها»، على ما يؤكد المسؤولون الاميركيون.

ورأت المصادر ان الحجة التي واجهت بها واشنطن كلا من باريس ونيويورك، وانحيازها الى تل ابيب، استندت الى تقارير لها اعتبرت ان الدولة اللبنانية لم تلتزم بالتعهدات التي نص عليها اتفاق وقف النار، لجهة سحب عناصر حزب الله، وتدمير بنيته ومنشآته واصوله العسكرية في جنوبي الليطاني، كذلك فان انتشار الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني لا يزال دون المستوى المطلوب.

ورأت المصادر ان الاخطر من البقاء في التلال الخمس المشرفة على الداخل اللبناني كما على المستوطنات، هو التغطية التي حصل عليها الجيش الاسرائيلي، من واشنطن، بحق «مطاردة» ناشطي الحزب ومقاتليه، وضرب أي بنى تحتية له، فضلا عن ابقاء الاجواء اللبنانية مفتوحة امام سلاح الجو الاسرائيلي، وهو ما يفرض واقعا جديدا، على الحكومة اللبنانية التعامل معه بجدية وواقعية، مبدية خشيتها من ان يكون ذلك تمهيدا لاعادة النظر ببنود الاتفاق ككل في مرحلة قريبة.

النقاط الخمس

إذًا الجيش الاسرائيلي سيبقي على احتلاله لخمس تلال ونقاط استراتيجية داخل الاراضي اللبنانية، ما سيؤدي عمليا الى احتلال المساحات الممتدة بين النقاط الخمس حتى الحدود، وهي:

- تلة الحمامص، شرقا المواجهة للخيام وتشرف على مستوطنة المطلة.

- تلة في مركبا وادي هونين الى جانب مركز القوات الدولية، حيث عثر خلال العمليات القتالية، على احد ابرز الانفاق الهجومية على بعد امتار من مركز اليونيفيل، معد للدخول الى منطقة اصبع الجليل، وقد احتوى على كميات ضخمة من الاسلحة والذخيرة، وهي نقطة مواجهة لمستوطنة مارغيليوت.

- جبل الباط جل الدير، وهي نقطة مرتفعة بين عيترون ومارون الراس، وتشرف على مستوطنتي افيفيم والمالكية.

- جبل بلاط الذي يفصل القطاع الغربي عن القطاع الاوسط، ويشكل نقطة استراتيجية مشرفة على عدد من مستوطنات زرعيت وشوميرا.

- تلال اللبونة غربا، وتشرف على مستوطنات الجليل الغربي، نهاريا وشلومي.

الرد اللبناني

لبنان الرسمي استنفر في محاولة لوضع حد للاحتلال، فعُقد اجتماع رئاسي ثلاثي استثنائي في قصر بعبدا اطلق مواقف حاسمة ازاء الواقع المستجد، حيث طلبت بيروت من مجلس الأمن الدولي، الذي أقر القرار 1701، اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية، واعتبار استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية احتلالًا، مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية.

وكما لبنانيا كذلك اممياً، اذ صدر بيان مشترك عن المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس- بلاسخارت ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو.


عودة وانتشار

على الارض، باشر الجيش اللبناني الانتشار والاهالي العودة الى القرى المحررة، اذ وفقا لبيان الجيش، انتشرت وحدات عسكرية في البلدات الآتية:  العباسية، المجيدية، كفركلا – مرجعيون في القطاع الشرقي. العديسة، مركبا، حولا، ميس الجبل، بليدا، محيبيب – مرجعيون في القطاع الأوسط، ومارون الراس والجزء المتبقي من يارون – بنت جبيل في القطاع الأوسط. كما انتشرت في مواقع حدودية أخرى في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل، وذلك بعد انسحاب العدو الإسرائيلي. 

وقد باشرت الوحدات المختصة إجراء المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة في هذه المناطق، حيث اكدت قيادة الجيش ضرورة التزام المواطنين بتوجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة في المناطق الجنوبية، إفساحًا في المجال لإنهاء الأعمال المذكورة في أسرع وقت ممكن، وحفاظًا على أرواحهم وسلامتهم.

البيان الوزاري

هذه الحركة تترافق وتتزامن مع اقرار الحكومة بيانها الوزاري، استعدادا لجولة مواجهة في المجلس النيابي، فتعقد جلسة في الحادية عشرة قبل وبعد ظهر يومي الثلاثاء والاربعاء الواقعين بتاريخ 25 و 26 شباط 2025، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصيرها، في ظل خلط الاوراق الجاري والمتسارع، والانتقادات العلنية التي بدأت تظهر للحكومة ورئيسها، كما للعهد، مترافقة مع احتجاجات في الشارع.

من جهتها، كشفت مصادر على تواصل مع حزب الله ان الاخير سيكون له موقف واضح من الاحداث الاخيرة على مستوياتها كافة، خلال جلسات المناقشة، وان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات، وصولا ربما الى عدم اعطاء الثقة للحكومة، مؤكدة ان «بعد 23 شباط كلام آخر».

على هذا الصعيد، سجلت خلال الساعات الماضية اشارة لافتة، اذ اكد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا، ان الحزب دعم منذ البداية جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، وان لا مشكلة معه، وانه كان مرشح الحارة بعد سليمان فرنجية، وهو ما قرأ فيه المراقبون، محاولة للفصل بين العهد والحكومة ورئيسها.

من جهتها وفي معرض تقييمها، رأت اوساط ديبلوماسية، ان البيان الوزاري يبقى دون المستوى المطلوب دوليا، اذ كان يجب ان يكون اكثر صلابة ووضوحا، وان يتضمن القرارات الدولية الاخرى الاساسية، خصوصا في تناوله لمسألة القرار 1701، وتطبيقه، الذي يحكمه اتفاق وقف النار، آملا ان تتمكن الحكومة من جمع اكبر قدر من عناصر الثقة العربية والدولية، كما في الداخل اللبناني.

وتوقفت الاوساط عند ما نقل عن رئيس الجمهورية، خلال استقباله وفد نقابة المحررين، حيث تحدث عن نوع من «تفاهم بين اللبنانيين على صيغة ومقاربة جديدة ومختلفة لملف السلاح»، معتبرة ان الموضوع من الناحية العملية قد خرج من يد اللبنانيين، سواء لجهة سلاح الفصائل اللبنانية او السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات، داعية الى القراءة الجيدة للمواقف الاميركية وكيفية تعاطي الادارة مع السلطة الجديدة في بيروت، وهنا لا بد من الاشارة الى رمزية تعليق واشنطن لمساعداتها للمراجعة، والتي اشترطت التغيير لاعادتها، رغم معرفتها الكاملة بحاجة الجيش الماسة والسريعة إليها، معتبرة ان زوار واشنطن يسمعون الكلام نفسه هذه الفترة حيث «المطلوب افعال لا كلام»، خصوصا ان الكونغرس يستعد للدخول على الخط واقرار سلسلة من القوانين التي وصفت «بالقاسية» في ما خص لبنان.

التعيينات الادارية

وفيما يؤمل ان تحصل الحكومة على الثقة، انطلق قطار التعيينات، حيث سجلت «عجقة» في السير الذاتية التي يحملها النافذون الى المقرات الرئاسية والمرجعيات، طمعا بالحصول على حصة في التعيينات، حيث سجل على هذا الصعيد همس في بعض الكواليس عن امكان طرح مسألة المداورة في وظائف الفئة الاولى، على ان تبدأ من المواقع الامنية، دون ان تتضح أي صورة او آلية واضحة للامر، وهو ما يتطابق مع احد عهود خطاب القسم الذي القاه رئيس الجمهورية في المجلس النيابي.

مطار القليعات

وعلى خلفية الاحداث الاخيرة التي شهدتها طريق المطار، وبعد وعود رئيس الحكومة نواف سلام لنواب عكار وإرضاءً لهم، تحركت الرياض على خط تحويل مطار القليعات الى مطار مدني، اذ علم ان وفدا تقنيا سعوديا سيزور لبنان ويعاين المطار للوقوف على امكاناته ووضع خطط لتطويره بتمويل من المملكة، من بينها انشاء مدرج ثان، وتجهيزه ليدخل الخدمة، ما سيخلق فرصا للعمل تقدر بالالاف لاهالي المنطقة.

تعليق الرحلات

في غضون ذلك، لفت تعليق حركة الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي خلال تشييع السيدين نصر الله وصفي الدين، الاحد، لاسباب ترتبط بقدرة المواطنين على الوصول والمغادرة من المطار، دون ان تكون للقرار أي خلفيات امنية، وفقا لما ذكرت مصادر وزارية، مشيرة الى ان التنسيق جار على اعلى المستويات بين القوى الامنية والعسكرية اللبنانية، والجهات المنظمة في حزب الله لضبط أي «تسرب» قد يحصل او اشكالات.

مغادرة الحريري

وكما كان متوقعا، غادر مساء امس الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري بيروت عائدا الى الامارات العربية بعد ان كان قد شارك في ذكرى 14 شباط، معلنا من ساحة الشهداء عودة تيار المستقبل الى المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية.


الأكثر قراءة

لبنان يترقب اليوم الكبير في 23 شباط... سلام اختار وزراءه لجذب الاستثمارات الدولية... و100يوم لاقرار القوانين الاصلاحية