اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



أي دولة، وأي لبنان، اذا بقي تسويق الكراهية على ايقاعه الحالي، ودون أي اعتبار لكوننا في منطقة مشرّعة على كل الاحتمالات، أسوأ الاحتمالات؟ علينا أن نتصور نائباً لبنانياً، يرفع الصليب بيده، يراهن على بنيامين نتنياهو، بالايديولوجيا المجنونة ـ الايديولوجيا الدموية ـ بأن ينقض بالقاذفات وبالدبابات على طائفة لبنانية لازالتها من الوجود، وعلى أحمد الشرع بايديولوجيا تورا بورا، بأن ينقض بالسواطير على الطائفة اياها لذبح أبنائها فرداً فرداً، كونهم من "فلول النظام".

تبعاً للمادة 27 من الدستور، النائب يمثل "الأمة جمعاء". كيف يمكن لذلك النائب أن يجثو أمام صورة السيدة العذراء، وأن ينظر في عيون أولاده، حين يفكر بتلك الطريقة التي لا تفكر بها حتى الغربان ؟ لا نعتقد أن غالبية رفاقه في الحزب الذي ينتمي اليه يشاركونه الرأي. لاحظنا كيف استقبلوا الأهل في دير الأحمر وغيرها وغيرها. شخصياً كنت في سن الفيل، وتعامل معي الحزبيون تعامل الأهل، لأبقى مديناً لاولئك الذين كنت أرى في وجوههم السيد المسيح الذي ترعرعت على خطاه ، لا وجه "يهوذا" الذي لا أحد غيره يمكن أن يتفوه بذلك الكلام.

الهدف من الرهان على "جارنا" العزيز في الجنوب، وعلى "شقيقتنا" العزيزة في الشمال، نزع سلاح حزب الله. وزير من الحزب اياه ردد الكلام "الاسرائيلي" بكون الحزب تنصل من تطبيق اتفاق القرار 1701، عندما تلاحق الطائرات عناصره فرداً فرداً، وعندما تغير الطائرات على المدن والبلدات الآهلة، حتى إنها دمرت غرفة في الناقورة أقامها أحد أبنائها فوق ركام منزله، كتأكيد (ولتفهم حكومتنا الغراء) أن البلدات أزيلت لتبقى المنطقة العازلة، التي يمكن استخدامها في أي وقت للايغال أكثر في الجغرافيا اللبنانية. وهذا ما يحدث في سورية. دبابات ايال زامير على أبواب القصر الجمهوري.

لنتخيّل (ولماذا نتخيّل؟) أن الشرع تقدم بجحافله عبر الحدود، وكذلك فعل نتنياهو. في هذه الحال، أين ستعلق جثث الضحايا، أم تترك كما في غزة، وكما في بانياس في الشوارع ؟ لا ثكالى هناك لينتحبن على أبنائهن، ولا ترحيل بل ابادة. هكذا قال "يهوه" في التوراة، فهل هكذا قال الله في القرآن؟ لا نعتقد أن لبنانياً سيبقى على أرض لبنان، مع علمنا ما هو الثمن الذي يتقاضاه سعادة النائب، ومن يأمر بذلك. ثمة من تلقفوا الكلام الجميل بالقهقهات، التي كما لو أنها قهقهات الشيطان. جان ـ ايف لودريان قال لزميل لبناني في باريس "اللبنانيون ينتحرون". لم يقل ان الرهان على الأميركيين في درء الأخطار عن لبنان، لا يختلف عن الرهان على حركة الرياح...

لا قضية للبنان سوى قضية "نزع سلاح حزب الله". اذا حصل ذلك، برعاية أو بتدخل الشرع أو نتنياهو، فهذا يعني أن لبنان عاد سويسرا الشرق. لا حظوا كيف يخرج ديفيد شينكر بالوجه التلمودي من وراء الغبار أو من تحت الغبار، ليقول "يبدو في الواقع أن الحكومة اللبنانية تفضل أن تواصل "اسرائيل" عملياتها العسكرية ضد حزب الله، على أن تجري هذه الحكومة عملياتها بنفسها"، داعياً الرئيس السوري الانتقالي الى اعلان مزارع شبعا أرضاً سورية ليفقد الحزب أي ذريعة للمضي في المقاومة ضد "اسرائيل". وليكن القتال ضد سورية...

لا شك أن مسرحية القذائف الصاروخية التي أطلقت من الجنوب اللبناني نحو مستوطنة المطلة، كانت في منتهى السذاجة إن لم تكن في منتهى الغباء. أعقبت ذلك سلسلة من الغارات التي استهدفت حتى مبنى سكنياً في مدينة صور، على أساس أن الحزب الذي يواجه مأزقاً داخلياً، ويريد الخروج منه (بحسب التصور "الاسرائيلي")، سيبادر الى الرد ليعاد سيناريو الضرب المزدوج لكل من غزة ولبنان، كخطوة أخيرة في اتجاه تغيير الشرق الأوسط.

تزامن ذاك مع تصريح مورغان أورتاغوس بأن ادارة الرئيس دونالد ترامب ماضية في تسليح "اسرائيل" لقتال حركة حماس وحزب الله، الذي يدرك ما هي الظروف الداخلية الآن، وما هي الظروف الاقليمية والدولية، آخذاً بالاعتبار ما يمكن أن يحدث على المحور الأميركي ـ الايراني. ما يستشف من كلام كبار الخبراء الأميركيين والأوروبيين، أن هذه المسالة بالذات ان أخذت المسار الديبلوماسي أم المسار العسكري، لا بد أن تكون لها تداعياتها على مجمل الوضع في المنطقة.

"الاسرائيليون" كما العادة، يراهنون على الانفجار الداخلي في لبنان وهو الرهان المستحيل، ليقال لنا ان لدى الأميركيين تصوراً محددا لحمل لبنان الى ردهة المفاوضات، ودائماً باتجاه التطبيع. هذه المرة، ثمة فلسفة ديبلوماسية مختلفة عن كل الفلسفات السابقة، ديبلوماسية المال، اذا أخذنا بالاعتبار أن ستيفن ريتكوف ملياردير ناجح، ولا خلفية سياسية أو ثقافية له، وديبلوماسية الجمال لدى مورغان أورتاغوس، وحيث الاغواء يتداخل مع خلفية اعلامية براقة، ليكون جمالها، وذكاؤها بطبيعة الحال، وراء تكليفها مهمات حساسة خصوصاً في الشرق الأوسط. المرأة التي تتولى باصبعها تسويق خاتم داود، اضطلعت بدور هام في اطلاق "ميثاق ابراهيم".

لماذا مقاربة الواقع من وراء الزجاج ؟ غالبية أعضاء الحكومة مع التطبيع. بطبيعة الحال ثمة توجس مما يريده بنيامين نتنياهو ـ وهو الكثير الكثير ـ من لبنان، ولكن في نظر هؤلاء أن البديل هو المراوحة، المراوحة القاتلة. ولكن، هل ترانا ندرك ما هو التطبيع مع دولة الحرب معها جحيم والسلام معها جحيم...

مكاننا في لبنان بين الجحيم و... الجحيم !!

الأكثر قراءة

ترقب لمزيد من الضغوط الأميركيّة... أورتاغوس تنتقد الجيش؟! القوانين الانتخابيّة الى «مقبرة اللجان»... والبلديّات في أيار خطة أمنيّة لطرابلس وعكار... ووزير الدفاع في دمشق غداً