اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أسبوع الآلام في غزة يصبح دهراً. وبيلاطس غسل يديه من دماء أطفالها!

جاء «المعمداني» قبل قصفه بألفي سنة ليمهد الطريق لرسالة يسوع المسيح. البارحة جرت عملية إسكات الصوت الذي يبشر ببلسمة جروح أهل غزة بقصف صاروخي. وتلونت شلوح نخيل الشعانين بدماء الشهداء والجرحى. وتكسرت بالتخريب والدمار!

يدخل العالم الشرقي والغربي معاً في أسبوع الآلام، فيما غزة تعاني من سنة ونصف السنة من الآلام ومن البقاء على صليب عذاباتها، التي لن تنتهي، على الأرجح، بقيامة قريبة! لا بل أن الأيام والأشهر المقبلة ستشهد مزيداً من القتل والتدمير!

ملف الأسرى الاسرائيليين لدى حماس، أو من تبقى منهم، هو محطة أسياسية، ولكنه ليس المحطة الأخيرة في الحرب ضد غزة!

إذ تدرك حماس أن تبادل الأسرى يعني تنفيذ الحلقة الأخيرة من إنهائها عسكرياً. ومع ذلك، فإن إطالة عمر الأزمة يطيل بعمر عذابات أهل القطاع.

اختفى الحديث في الإعلام العالمي وفي «الأسواق» الديبلوماسية عن «اليوم التالي»! وتراجع منسوب حل الدولتين. وتقدمت حلول اتفاقات ابراهام في زمن «الانتداب الأميركي» للشرق الأوسط وفي زمن «الأمن الاسرائيلي» في المنطقة!

في شمال غزة وفي رفح، تواجه حماس الجيش الإسرائيلي بقدرات لوجستية محدودة تعتمد على شجاعة مقاتليها أكثر منها على تجهيزاتهم العسكرية. ولكن الجيش الإسرائيلي يقضم الأحياء والشوارع ويستمر في تدمير آخر مقومات الصمود اللوجيستية والاستشفائية.

من جانب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو فإن الحرب مستمرة في غزة حتى تحقيق ما يسميه «الانتصار الكامل» (Total Victory).

ويعني «الانتصار الكامل» على غزة بحسب نتاتياهو:

1 - استرجاع الأسرى الاسرائيليين لدى حماس أحياءً أم أمواتاً.

2 - القضاء على حماس عسكرياً.

3 - إخراج حماس من السلطة السياسية.

4 - فرض الأمن الاسرائيلي كلياً داخل القطاع.

5 - وقف مخاطر أي «اعتداء» من حماس على اسرائيل.

6 - تحديد اسرائيل لمستقبل غزة...

هذا من دون الحديث عن الضفة وعن إعادة المهجرين الى «منازلهم» في قرى ومستوطنات الشمال الاسرائيلي والاستمرار في ضرب حلفاء إيران في المنطقة أو ضرب طهران.

إن تدمير المستشفى المعمداني في يوم الشعانين كان رسالة الى المسيحيين في العالم، قبل المسلمين! فبالنسبة للجانب الاسرائيلي ليس هناك محرمات لا دينية، لا انسانية، لا استشفائية... ولا حدود للترهيب في قصفه للمستشفيات وللطواقم الطبية!

بعيداً عن غيبوبة وكوما القانون الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن يقف العالم اليوم، وفي كل لحظة، وفي كل مناسبة، خاصة أو دينية، وقفة تأمل ولحظة صمت، في الأرض التي جاء إليها إبراهيم، ووُلد فيها يسوع المسيح، وهو ابن الله عند المسيحيين والنبي ابن العذراء مريم عند المسلمين.

أرض أعطت العذراء مريم. وهي المرأة الوحيدة المذكورة بالاسم في القرآن الكريم. أرض تحتضن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وبيت لحم... رمزيات سماوية كثيرة في بقعة أخذت من أرضها الجلجلة وجعلتها تاريخاً وحاضراً أليماً ينزف كل يوم.

أهل غزة يأملون كل يوم وكل لحظة بعودة المعمداني لتمهيد عودة السلام الى الأرض التي تحولت بالكامل الى «حقل دم» حيث الاسخريوطي باعها بأقل من ثلاثين من الفضة، وهو سلمها من دون قبلة، ومع إنه لم يشنق نفسه بعد، إلا أن مراحل صلبها أصبحت أكثر من أربع عشرة...

في وجه الجموع التي تنادي (أو تسكت عن) «اصلبها، اصلبها» يصرخ أطفال غزة أمام بيلاطس: عد يا معمداني! أعد طريق الرب وأجعل سبله قويمة!

ولكن العالم في حالة عجز وشلل كامل اليوم! وهو يحتاج الى حركة مقاومة كونية ليقظة الضمير والحس الانساني فيه، والى «انتفاضة حجارة عالمية» تعيد الحياة لغزة ولأهلها، وتعيد السلام والعدالة السياسية والاجتماعية الى مختلف المناطق الحارة في العالم! فهل يتمّ، على الأقل تقصير درب جلجلة غزة رحمةً بمن تبقى من شهدائها الأحياء؟!

* كاتب ومحلل سياسي


الأكثر قراءة

أيّ رؤوس تسقط في لبنان؟