اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا رصاصة، لا حجر ضد "اسرائيل". مثلما لا دولة ولا مقاومة في المنطقة، وحتى في العالم ضد "اسرائيل". انه السيناريو الأميركي الذي يعمل "الاسرائيليون"، ويعمل العرب، بمن فيهم اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون جنباً الى جنب لتنفيذه، والا لماذا ذاك الاصرار من المبعوثين الدوليين والمبعوثين العرب، على نزع سلاح حزب الله بالقوة الناعمة أو بالقوة الخشنة، والى حد التهديد ببنيامين نتنياهو وبأحمد الشرع.

كلمات قليلة وصلت من أولياء الأمر: اما التطبيع دون قيد أو شرط أو سقوط عروشكم. العروش المقدسة. لا مشكلة في أي سلاح آخر على الأرض اللبنانية، ما دام هذا السلاح قد يوجه في أي لحظة الى صدر أو الى ظهر المقاومة، ودون أن يكترث أحد بالتحذيرات الفرنسية من اندلاع الحرب الأهلية التي لا تنتهي، بادارة "الاسرائيليين" وبتمويل العرب، الا بانتهاء لبنان.

يحق للشيخ نعيم قاسم أن يسأل "ماذا عن اليوم التالي بعد تسليم السلاح"؟ السؤال نتاج تحليل دقيق وعميق (تحليل بانورامي) لكل تفاصيل المشهد، آخذاً بالاعتبار الخطة التي حاول مبعوث عربي تسويقها منذ سنوات داخل الغرف السوداء والأدمغة السوداء. تفجير الساحة اللبنانية كمدخل دموي، لاحداث انقلاب في الخارطة الديموغرافية والطائفية، بحجة أن معادلة التوازن بين الطوائف أثبتت فشلها بتوليد مسلسل الأزمات والتسويات. لا بد من قيام طائفة مركزية بتوطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، على حساب طوائف أخرى. الى أين تتجه البواخر هذه المرة؟

لماذا الاختباء وراء الزجاج؟ على ضفاف الدردنيل، وبحضور ممثلين لعدد من الدول، البحث في ترحيل الشيعة من لبنان وتوطينهم في بلد آخر. لم يعد البحث في توطين اللاجئين الفلسطينيين، ولا في عودة النازحين السوريين، الذين يفترض أن يبقوا "ذراع النار" في يد الادارة السورية الجديدة. قيل لأكثر من رئيس جمهورية لبناني، ولأكثر من رئيس حكومة، ان تجريد الفلسطينيين من السلاح رهن بتوطينهم. الفجيعة الكبرى أن بعض القادة المسيحيين، وقد ذهبوا بالزبائنية وكذلك بالمكيافيلية الى حدودها القصوى، ضالعون في هذا الاتجاه، "أولئك الشيعة الذين لا يشبهوننا لا مكان لهم على أرضنا"!

هذا فصل من مشروع مروع يكرس بالدم، ادارة "اسرائيل" للشرق الأوسط، بعدما قال القس جون هاغي، رئيس جماعة "مسيحيون من أجل اسرائيل" في الولايات المتحدة، ان القاذفات "الاسرائيلية" حولت المنطقة الى حطام سيكولوجي. لنلاحظ الآن صفقات السلاح الهائلة ـ والأكثر هولاً ـ تقدم الى "اسرائيل". هل لخزنها في المستودعات؟ ما دام دونالد ترامب قد قال بلا حروب في المنطقة. من الهدف التالي؟ رجب طيب اردوغان يرتجف...

وكنا قد توقفنا عند قول ترامب لنتنياهو وأمام الكاميرات، "تعامل بعقلانية مع تركيا". وها هو يستعد للانسحاب من سوريا، بعدما كان وراء صفقة (الصفقة الملتبسة) بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي. لمن يذهب الشرق السوري في هذه الحال؟ مثلما يغوص رئيس الحكومة "الاسرائيلية" في أقاصي التوراة، يغوص الرئيس التركي في أقاصي التاريخ العثماني والسلجوقي، دون أن يدري أنه مثلما تعمل "اسرائيل" لخلع الأظافر الايرانية، لا بد أن تعمل لخلع الأظافر التركية. لا دولة مركزية في الشرق الأوسط الكبير سوى الدولة اليهودية.

في لبنان، نتعامل مع بقاء "اسرائيل" في التلال الخمس تقنياً أو ديبلوماسياً (تصوروا أي نوع من الديبلوماسية برعاية مورغان أورتاغوس). البقاء التكتيكي لأغراض استراتيجية، وحتى لأغراض ايديولوجية، تطاول أسس الدولة اللبنانية ومكونات الدولة اللبنانية، اذا عدنا الى مراسلات دافيد بن غوريون وموشي شاريت في مطلع الخمسينات من القرن المنصرم. اعادة تركيب لبنان بحسب رؤية اشعيا. واذا كان الجنرال افرايم سنيه قد قال "لن ندع كلباً يعوي في بيروت"، الجنرال ايال زامير لن يتردد في القول ببناء الهيكل الثالث بجماجم اللبنانيين .

معلومات تتسرب من الداخل السوري حول السلاح الذي يصل الى مخيمات للنازحين في بعض مناطق الشمال والبقاع، كما الى جهات هي في حالة تناغم ايديولوجي مع فصائل متطرفة شريكة في السلطة في سوريا، دون أن يكون هناك من مجال للسيطرة على كل المعابر غير الشرعية، وحيث تتداخل الأراضي والتضاريس الطبيعية. ثمة قوس عند الحدود الشرقية يعتبر بمثابة الخاصرة الرخوة، وحيث الاحتمالات بالغة الخطورة.

الآن، بعد 82 عاماً من الاستقلال، نقول بترسيم الحدود مع "اسرائيل" ومع سوريا، دون أن نمتلك أي ورقة من أوراق القوة، بعدما احترفنا كل اشكال التسول، التسول المادي (حتى لاطعام جنودنا) والتسول السياسي الذي كان ولا يزال أم الفضائح.

الشبكة الارهابية الأردنية التي تدربت في لبنان، أضاءت أمامنا الكثير من الخفايا. من يقف وراء هؤلاء الذين كان واضحاً أنهم يعدّون لسلسلة من الاغتيالات، بدءاً من الملك عبدالله الثاني، ان بالصواريخ أو بالمتفجرات، مع أن صاحب الجلالة على خطى جده الملك عبدالله الأول، وكان الصديق الصدوق لغولدا مئير.

الصينيون والروس الذين خذلونا، يراهنون على غرق أميركا في الشرق الأوسط (لكأنه الغرق في جهنم). اذ بهرنا كثيراً بعبقرية الأدمغة فيها، وحتى في صناعة الهوت دوغ، لا بد أن نسأل متى لم تكن الاستراتيجية الأميركية... استراتيجية الحمقى؟

الأكثر قراءة

الكوميديا الإستخباراتيّة لتقويض المفاوضات