اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعد الخصوبة عاملاً أساسياً في حياة الأزواج الراغبين في الإنجاب، غير أن العديد من الرجال قد يواجهون صعوبات في هذا الجانب نتيجة لعوامل صحية ونمط حياة غير سليم قد لا يكونون على دراية بتأثيرها المباشر في قدراتهم الإنجابية. فالخصوبة لا ترتبط فقط بعدد الحيوانات المنوية، بل تشمل أيضًا جودتها، حركتها، وشكلها الطبيعي. وفي هذا الإطار، تتعدد العوامل التي تؤثر سلبًا في خصوبة الرجل، بعضها بيولوجي وآخر بيئي أو مرتبط بالعادات اليومية.

أول هذه العوامل وأكثرها شيوعًا هو نمط الحياة غير الصحي. التدخين المفرط واستهلاك الكحول يؤثران بشكل مباشر في جودة الحيوانات المنوية، حيث يؤديان إلى تقليل عددها وزيادة نسبة التشوهات فيها. كما أن السمنة أو الوزن الزائد تؤثر في التوازن الهرموني لدى الرجل، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى التستوستيرون، وبالتالي ضعف القدرة الإنجابية. بالمقابل، يمكن أن يتسبب نقص الوزن أيضًا باضطراب الهرمونات الجنسية.

من بين العوامل البيئية التي تُعد ذات تأثير كبير في خصوبة الرجال، يبرز التعرض المستمر للحرارة المرتفعة في منطقة الخصيتين، وهو أمر غالبًا ما يُهمل رغم أهميته. إذ إن الخصيتين موجودتان خارج الجسم في كيس الصفن تحديدًا لضمان بقائهما في درجة حرارة أقل من حرارة الجسم الداخلية بحوالى درجتين مئويتين، وهي البيئة المثالية لإنتاج الحيوانات المنوية بشكل طبيعي وسليم. وعندما يُعرّض الرجل هذه المنطقة لحرارة زائدة بشكل متكرر، فإن ذلك قد يُحدث خللاً في وظيفة الخلايا المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية.

وتتمثل أبرز السلوكيات المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة في ارتداء الملابس الداخلية الضيقة، أو السراويل التي تُعيق التهوية، فضلًا عن الجلوس لفترات طويلة دون حراك، سواء في المكاتب أو أثناء القيادة، ما يُقلل من تدفق الدم ويُساهم في رفع درجة الحرارة المحلية حول الخصيتين. كذلك، فإن استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة (اللابتوب) مباشرة على الفخذين لفترات طويلة يؤدي إلى تراكم الحرارة في هذه المنطقة، مما ينعكس سلبًا على عدد الحيوانات المنوية وجودتها.

ولا يقف التأثير البيئي عند الحرارة فقط، بل يشمل أيضًا التعرض للمواد الكيميائية الضارة في بيئات العمل أو الحياة اليومية. فالمبيدات الحشرية، والدهانات، والمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق، تدخل إلى الجسم عبر الجلد أو الجهاز التنفسي، وقد تتراكم بمرور الوقت لتُحدث ضررًا دائمًا بخلايا الخصية. وتشير الدراسات إلى أن هذه المواد يمكن أن تُضعف تكوين الحيوانات المنوية أو تُحدث طفرات في مادتها الوراثية، مما يقلل من فرص الإخصاب أو يؤدي إلى حدوث تشوهات في الأجنة.

في موازاة ذلك، تؤدي العوامل النفسية دورًا بالغ الخطورة في التأثير في خصوبة الرجل، إذ إن التوتر المزمن والقلق الشديد يُخلّان بتوازن هرمونات الجسم، لا سيما هرمون التستوستيرون المسؤول بشكل أساسي عن الصحة الإنجابية. كما أن الضغط النفسي قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم، ونقصان جودة الراحة الجسدية والعقلية، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض إنتاج الحيوانات المنوية وتدهور جودتها.

 

إلى جانب ذلك، لا يمكن التغافل عن العوامل الطبية والوراثية، مثل الإصابة بدوالي الخصية التي تُعيق تدفق الدم وتزيد من حرارة الخصيتين، أو الأمراض المزمنة كداء السكري واضطرابات الغدة الدرقية التي تؤثر في التوازن الهرموني. أما الأدوية، وخصوصًا أدوية العلاج الكيميائي، وبعض المضادات الحيوية والمنشطات الهرمونية، فقد تُضعف القدرة الإنجابية أو توقف إنتاج الحيوانات المنوية بشكل مؤقت أو دائم. أما على الصعيد الوراثي، فقد يعاني بعض الرجال من خلل في الكروموسومات الجنسية أو طفرات جينية تُضعف القدرة على إنتاج حيوانات منوية فعّالة أو تقلل من نسبتها بشكل كبير.

في الختام، فإن فهم هذه العوامل وتفاديها قدر الإمكان يُعد من الركائز الأساسية في الحفاظ على خصوبة الرجل. وينبغي للرجل الذي يخطط للإنجاب أن يكون واعيًا لتأثير نمط حياته، وبيئته، وحالته النفسية، وأن يخضع للفحوصات الطبية الدورية لتشخيص أي مشكلات في وقت مبكر والسير نحو علاجها بفعالية.

الأكثر قراءة

إسرائيل تعاود قصف الضاحية... توسيع الحرب مُجدّداً لبنان الرسمي يُطالب واشنطن وباريس بتحمّل مسؤوليّاتهما إنتخابات بيروت: ساعات حاسمة قبل التوافق أو التأجيل