منتهى اللاواقعية، ربما منتهى السذاجة، الاعتقاد أن نزع السلاح في المخيمات لا يختلف عن نزع السلاح في مبنى للشقق المفروشة. أكثر تعقيداً بكثير من نزع سلاح "حزب الله". قيادي فلسطيني قال لنا "الكل يعلم أن مصيرنا، كشعب موضوع الآن على الطاولة، شخصياً أتوقع ما هو أكثر مأسوية من نكبة 1948 فأين المنطق هنا في القبول بأن تقطع أصابعنا؟".
على مدى أكثر من ثلاثة أرباع القرن، المخيمات تحولت الى مستوطنات للبؤس، "نعامل مثلما يعامل الذباب". زميل صحافي في الكويت كان يصف مخيم عين الحلوة، وحيث يقيم أهله، بـ"أرخبيل الغولاغ"، وهو عنوان الرواية الشهيرة للكاتب السوفياتي ألكسندر سولجنتسين عن معسكر الاعتقال الستاليني في سيبيريا. كوكتيل من الفصائل التي بعضها صنع في الغرف السوداء، قيادي في الجبهة الشعبية قال لي، غداة اجتياح 1982، "الآن بت أعرف لماذا كنت اشعر أن يتسحاق أدموني (رئيس الموساد آنذاك) ينام في فراشي"!
صور ياسر عرفات، ومحمود عباس، باتت باهتة على جدران مات فيها الزمن. وجه اللواء منير المقدح، بالقلب الرائع والذي نجا من الطائرات الاسرائيلية، امتزج فيه اليأس مع السأم. جماعة "حماس" الأكثر ديناميكية، والأكثر استقطاباً للأحاسيس الآن. لكن عمليات اطلاق الصواريخ من الجنوب بدت وكأنها استعادة بشعة لما كانت تفعله "فتح" حين شرعت أبواب الجنوب بل وأبواب بيروت أمام دبابات آرييل شارون.
هي الثورة الأكثر قداسة في التاريخ، وقد حولها قادتها الى أغرب ثورة في التاريخ (هكذا قال لي ضابط فيتنامي رافقته الى العرقوب). ثورة تحت الثريات، وحتى في الكباريهات (أجل في الكباريهات). بعد ساعات من اجتياح 1982، كان القادة الثلاثة أبو الهول وأبو الزعيم وأبو الجماجم في مخيم عين الحلوة، قبل أن يهربوا عبر جزين الى البقاع، تاركين سكان المخيم للهمجية الاسرائيلية، بعدما قضى الموساد على قادة حقيقيين مثل أبوجهاد وأبو اياد. القنبلة التي انفجرت بماجد أبو شرار لم تقتله، ليحافظ على ثوريته حتى اللحظة الأخيرة. جورج حبش كان النقاء العظيم. نايف حواتمة ماكنة ثرثارة بصورة لا يمكن لكائن بشري أن يتحملها. كنا نتحملها مع كأس الشاي على الأرض.
ثورة متخمة بالمال. تردد أنه عندما تم ترحيل ياسر عرفات رحل معه رصيده في مصرف كبير (14 مليار دولار) ما أدى آنذاك الى انخفاض في سعر صرف الليرة اللبنانية. ابو حسن سلامة، المسؤول الأمني كان يستقبل حتى قيادات من حزب الكتائب ومن أحزاب أخرى في بيروت الشرقية، وأثناء الحرب، على المائدة الخضراء في منطقة الروشة.
ظاهرة سريالية في عالم الثورات. وزير الاعلام الجزائري قال لي ان "الفدائيين" الذين استضافتهم بلاده طلبوا سكائر مارلبورو ثم طلبوا الويسكي "كرئيس عن اللجنة المكلفة الاشراف على احتياجاتهم، سألتهم ألا تريدون أن نأتيكم بالغانيات؟". ثورة، بكل تلك الامكانات لم تتمكن من تحرير حفنة تراب من أرض فلسطين. قيادي فلسطيني قال ان عرفات كان يريد دولة "ولو على ظهر حمار". المهم أن يحمل لقب رئيس دولة، وأن تقرع له الطبول، قبل أن يدفن القضية بيديه تحت الورود، والثلوج، الاسكندنافية، في أوسلو.
ساسة، واعلاميون، لبنانيون، ينتظرون زيارة محمود عباس لبيروت، على أنه "بيسمارك القرن" الذي يأمر الفصائل بتسليم سلاحها الى الدولة اللبنانية. قائد أحد الفصائل قال ساخراً "حتى نداس بالأقدام" (الفلسطينيون هم الأهل والاشقاء على أرضنا). ولكن متى كان سلاح المخيمات موجهاً الى الاسرائيليين لا الى الرفاق في المخيمات؟ الأكثر غرابة "لينزعوا سلاح "حزب الله" أولاً"... من فضلكم لا تستغربوا. قد نسمع في المدى القريب كلاماً مماثلاً من مخيمات النازحين السوريين. حقاً، كيف ينزع السلاح بوجود مليوني نازح سوري في لبنان، اذا ما علمنا أي نوع من الفصائل (البشرية) يحكم سورية؟
مثلما الشعب الفلسطيني داخل الاعصار كذلك الشعب اللبناني. الآن يحكى عن المظلة الأميركية. متى لم تكن نجمة داود تعلو المظلة الأميركية؟ لا شك أن لدينا أفضل الضباط وأفضل الجنود، ولكن هل تستطيع الدولة اللبنانية أن تؤمن الخبز، لا القنابل، ولا المدافع، ولا الصواريخ المضادة للطائرات، لعسكرها للدفاع عن اي فئة في لبنان يمكن أن تتعرض لأي خطر خارجي ؟ الاجابة جاهزة لدى بعض القوى "الديبلوماسية هي الحل". صحيح أن المفاوضات، لا الدماء، هي التي تولت اجتثاث الأقدام الهمجية من أرضنا تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي، والذي، للعلم، صدر عام 1978...
انظروا ما يحدث في سورية، وما يمكن أن يحدث لندرك ما يتم اعداده للبنان. منذ يوم التغييير وحتى الآن 500 غارة إسرائيلية على نقاط عسكرية سورية، وصولاً الى القصر الجمهوري، دون أن تطلق الفصائل رصاصة، أو كلمة. الدكتور حسين الشرع، والد الرئيس أحمد الشرع، أرغى وأزبد. يا صاحبنا، الأتراك يمكن أن يقدموا ابنك جثة لبنيامين نتنياهو اذا لم تكن تعلم كيف يفكر، وكيف يعمل، رجب طيب ردوغان .
حين تكون سورية أمام ذلك المصير الأسود (التفكيك)، لنتصور ما مصير لبنان، وأبعد أبعد، من لبنان. حقاً، أهي الكوميديا أم التراجيديا مسرحية نزع السلاح؟
يتم قراءة الآن
-
أين أنت يا أردوغان...؟؟
-
هل تنفجر المخيمات قبل وصول محمود عباس ؟ <الدفاع الأعلى> يحذر حماس...و<الحركة> تعلن ان الرد من القيادة الشرع يرضخ لمطالب الدروز...وجنبلاط يبحث عن مظلة أمان للطائفة
-
كوميديا أم تراجيديا نزع السلاح؟
-
الانتخابات البلدية في جبل لبنان اليوم: «نصف بروفة» للاستحقاق النيابي ماذا سجل بعد تحذير حماس وما هي مفاعيل زيارة عباس؟ استنفار دبلوماسي لجنبلاط بعد لقاء الشرع والعدو يتابع عدوانه على سوريا لمنع التهدئه
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
08:08
الانتخابات في محافظة جبل لبنان: إقفال باب الترشيح على9321 مرشحاً من ضمنهم 8142 ذكور و1179 إناث وفوز 70 بلدية بالتزكية
-
08:07
احصاءات غرفة التحكم للحوادث التي تم التحقيق فيها خلال ال ٢٤ ساعة الماضية: ٧ حوادث، ٧ جرحى
-
07:19
رئيس الجمهورية من وزارة الداخلية: دور البلديات أساسي وغالبيتها منحلّة وهذا استحقاق أساسي و لا دور لنا في العملية الانتخابية سوى تأمين حُسن سيرها أمنيّاً ونواكبكم طوال النهار
-
07:10
فتح مراكز الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان
-
23:53
الطيران المسير يستهدف غرفة جاهزة في بلدة كفركلا جنوب لبنان
-
23:17
"الميادين" عن مصادر رسمية إيرانية: انقطاع الكهرباء في مناطق من المدينة ناجم عن عاصفة ضخمة ضربت المدينة قبل نحو ساعة
