علنًا كان هناك في لبنان مَن يراهن، ومنذ اللحظة الأولى للحرب، على أن تنجح "اسرائيل" في تقويض النظام في ايران، وحتى تقويض الدولة في ايران. وعلنًا كان حملة السكاكين وحملة الفؤوس يتحدثون عن اليوم الأسود الذي ينتظر حزب الله، والى حد الكلام عن الترحيل، ليبدأ تنفيذ ذلك السيناريو الجهنمي باحداث تغيير دراماتيكي في الصيغة اللبنانية، والذهاب برفقة الشقيق السوري سيرًا على الأقدام الى أورشليم.
أجل الأهوال كانت تنتظر لبنان بكل مكوناته، بعدما سقط البعض في تلك اللعبة الغبية، لعبة الكانتونات، وحيث يفترض بكل طائفة أن تأكل بعضها بعضًا.
لطالما قلنا كعرب، مع أن العروبة لم تعد تصلح حتى علفاً للدجاج، لا كمسلمين، لأن مصطلح "العالم الاسلامي" مصطلح افتراضي ببعدنا عن الخط الايديولوجي والجيوسياسي لايران. ما كان يجمعنا موقفها من "اسرائيل" ولا شيء آخر، حين كان الآخرون اما أنهم يضعون رؤوسهم (المقطوعة) في السلة الأميركية، أو يلعبون في الزوايا الأميركية.
أجل ايران انتصرت. دونالد ترامب هو الذي قال ذلك، عندما أثنى على دور قاذفاته وعلى دور جنوده، بعدما ظهر القصور "الاسرائيلي" واضحًا في تحطيم البرنامج النووي الايراني الذي هو في الرؤوس، لا في الجدران المهدمة، ولا في شبكات الأنفاق التي تؤكد تقارير موثوق بها أن نسبة الأضرار التي لحقت بها تترواح بين الـ 30 والـ40 في المئة.
المسألة ليست هنا في قوة الرد الايراني، وفي نوعية الصواريخ التي فوجئت هيئة الأركان "الاسرائيلية" ان بدقتها أو بحمولتها التفجيرية، وهي تصل الى أهدافها، دون أن تتمكن المنظومات الدفاعية الأربع التي طالما وصفتها صحيفة "اسرائيل هيوم" بالدرع الالهي لأرض الميعاد. قطعًا لم يكن "الاسرائيليون" يتوقعون أن يبلغ الخراب ذلك المدى الكارثي، بعدما كنا نسمع على لسان قادتهم أن القيادة الايرانية لن تتجرأ على ذلك النوع من الرد، لأن الصواريخ النووية جاهزة لازالة الدولة الايرانية من الوجود، لتصدر تصريحات عن بنيامين نتنياهو وعن يسرائيل كاتس، بأن الحرب مع ايران هي حرب وجودية.
"تل أبيب" هي من طلبت من دونالد ترامب التدخل، بعدما فشل السيناريو العسكري ـ الاستخباراتي في تفجير النظام الايراني (وبالمناسبة هل حقًا أن نتنياهو وعد الهام علييف بـ "اعادة" اذربيجان الايرانية الى الدولة الأم؟)، وهي التي طلبت منه الضغط لوقف النار، فكان أن استعان بأمير قطر الشيخ تميم الذي تمنى على القيادة الايرانية القبول بوقف النار، وان كان من الضروري معرفة أن "اسرائيل" لا ايران هي التي شنت الحرب، لتشعر بالغرق بالوحول وبالنيران منذ اليوم الثاني.
من البداية قلنا إن جنون نتنياهو لا بد أن يدفع به الى الحائط. الآن بدأ الحديث عن غبائه، أم عن غباء "الموساد" ألذي صوّر له أنه استكمل كل الخطط التي لا تحتاج الى أكثر من الضربة الأولى (الضربة الصاعقة بنحو مئة طائرة)، لكي تقع ايران بين يدي الدولة العبرية، وتستكمل الخطوة التالية بتعرية تركيا أيضا، بالرغم من أن رجب طيب أردوغان هو من يدفع بالرئيس السوري أحمد الشرع لكي يمد يده الى بنيامين نتنياهو، وحتى اللقاء على ضفاف الدردنيل.
"اسرائيل" الآن غير "اسرائيل" قبل الحرب. قوى لبنانية كثيرة توقعت أن تذهب ايران عارية الى ردهة المفاوضات. ولكن ألم يكن واضحا منذ البداية أن البنتاغون لم يكن يريد الغرق في مستنقعات الشرق الأوسط؟ وقد خبر ما تعنيه هذه المستنقعات على الأرض الأفغانية. حتى إن أكثر من تعليق في الصحف أو على الشاشات الأميركية، لاحظ أن الروس والصينيين كانوا ينتظرون الدخول البري الأميركي الى ايران، كون الغارات الجوية لا تفضي الى أي تغيير في المسار الاستراتيجي لدولة ما، لكي تبدأ قبائل ياجوج وماجوج بحصار الجيش الأميركي داخل تلك المتاهة، وحيث التداخل الغرائبي بين الجبال والصحارى.
الآن يبدأ السؤال حول النتائج السياسية للحرب. دونالد ترامب يراهن على أن تقود المفاوضات الى تطبيع تدريجي للعلاقات بين ايران و "اسرائيل"، التي لم تعد أبواب المنطقة مشرعة أمامها. صحيح أن لا مجال للحديث عن أي توازن استراتيجي بين الولايات المتحدة وايران، لكن الأخيرة أثبتت أنها قادرة على المواجهة، بعدما حكي الكثير عن نقاط ضعفها عسكريا واستخباراتيا، لتكون التجربة الأخيرة الفرصة المثالية، ليس فقط لاعادة هيكلة المؤسسات الأمنية، وانما للحد من البعد الايديولوجي في الأداء الداخلي للدولة. تاليا التفاعل مع ديناميات القرن، والتوصل الى "قواعد فلسفية" أخرى في التعامل مع الولايات المتحدة، مع تغير المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط على خلفية الزلزال السوري، وبعدما تبين أن الاعتماد ان على الدببة القطبية أو على التنين، اشبه ما يكون بالاعتماد على تماثيل الشمع.
حتما الايرانيون كانوا يتطلعون الى وقف وشيك للنار، ولكن مع وضع الخطط الخاصة باستنزاف "اسرائيل" حتى العظم، دون اثارة اي صدام مع الأميركيين. هذا ليس بالأمر الممكن، خصوصا في زمن دونالد ترامب الذي قال سفيره في "اسرائيل" مايكل هاكابي ان دخوله في الحرب "استجابة لأمر الهي بتحقيق نبوءات مسيحية (أم نبوءات حزقيال؟) في مواجهة ايران"، وقول وزير خارجيته السابق مايك بومبيو أنه "دخل الى البيت الأبيض، ليفعل ما فعلته الملكة اليهودية استير لانقاذ بني قومها من الفرس".
قراءة ما ورائية للمشهد الذي ينظر اليه ترامب بعين رجل الأعمال لا بنظر النبي. قال بغضب لنتنياهو توقف عن الغارات فتوقف. متى يفتح الباب الديبلوماسي والى أين يمكن أن يصل، ما دام هناك في أميركا و "اسرائيل" مَن يقول أن اليورانيوم الايراني، وكذلك أجهزة الطرد المركزي، في مكان آمن؟
يتم قراءة الآن
-
بشرى سارة من مصرف الاسكان : القرض بات ١٠٠ الف دولار لشراء السكن و١٠٠ الف للبناء و٥٠ الف للترميم حبيب للديار :هدفنا وقف نزف هجرة الشباب ولا وساطات بل منصة تقبل الطلبات
-
ثغرة قانونيّة تطيح المعلّمين وتُجمّل "الجريمة" بالرواتب القديمة! محفوض يُحذّر عبر "الديار" من استغلال المادة 29 لطرد الأساتذة دون مبرّر... ويُلوّح بالقضاء
-
إيران انتصرت...
-
المنطقة ترتاح... ولبنان إلى انفراج البطريرك يازجي للشرع: لا يكفينا عزاؤكم و«ما حدا يتباكى علينا» سلام في قطر: الغاز مجدداً وأملٌ بعودة الإعمار
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
08:11
تحليق للطيران المسيّر "الإسرائيلي" على علو منخفض، في أجواء منطقة صور
-
07:59
غولان: من لا يسعى لاتفاق ينطلق من اعتبارات سياسية ويتخلى عن الجنود والمختطفين ويضر بالأمن
-
07:58
زعيم حزب الديموقراطيين بـ"إسرائيل" يائير غولان: حان الوقت لحسم حرب غزة باتفاق سياسي وأمني إقليمي لإرجاع الرهائن
-
07:56
إعلام فلسطيني: استشهاد 21 شخصا في غارات "إسرائيلية" على قطاع غزة منذ فجر الأربعاء
-
07:29
نور نيوز: اعتقال 700 شخص بتهمة التجسس لصالح "إسرائيل" خلال 12 يوما وضبط نحو 10 آلاف مسيرة في طهران وحدها
-
07:28
وكالات أنباء إيرانية: تنفيذ أحكام الإعدام في 3 أشخاص بتهمة التجسس لصالح "إسرائيل"
