اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعرف إنفلونزا العيون، أو ما يُطلق عليها طبيًا التهاب الملتحمة الفيروسي، بأنها واحدة من أكثر أنواع التهابات العين شيوعًا وانتقالًا، لا سيما في الفصول الانتقالية وخلال فترات تفشي الفيروسات الموسمية. وعلى الرغم من أن الاسم قد يبدو غير مألوف للبعض، إلا أن هذه الحالة تشترك مع الإنفلونزا التقليدية في سرعة العدوى وطبيعتها الفيروسية، لكنها تتركز تحديدًا في الغشاء الرقيق الذي يبطّن الجفن الداخلي ويغطي الجزء الأبيض من العين، مما يؤدي إلى مظهر ملتهب وأعراض مزعجة.

تحدث إنفلونزا العيون في الغالب نتيجة عدوى فيروسية، وأكثر الفيروسات شيوعًا في هذا السياق هو الفيروس الغدي، الذي يصيب الجهاز التنفسي العلوي ويسبب أحيانًا نزلات البرد. ينتقل الفيروس إلى العينين عن طريق اللمس المباشر أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة، ثم فرك العين أو مشاركة الأدوات الشخصية مثل المناشف والعدسات اللاصقة. وقد يصاحب الإصابة ارتفاع طفيف في الحرارة، سيلان الأنف، أو احتقان الحلق، مما يعزز التشخيص بكونها حالة فيروسية مرتبطة بالإنفلونزا الموسمية.

وفي حالات أقل شيوعًا، قد تتسبب بكتيريا أو مواد مهيّجة مثل الكلور أو الغبار أو حتى المواد الكيميائية في ظهور أعراض مشابهة، لكن الإنفلونزا الفيروسية للعين تبقى هي الشكل الأكثر انتشارًا، والأسرع انتقالًا بين الأفراد، خصوصًا في البيئات المغلقة مثل المدارس، الحضانات، والمكاتب.

عادةً ما تبدأ إنفلونزا العيون بأعراض خفيفة تشمل احمرار العين، حكة، شعور بوجود جسم غريب، وزيادة إفراز الدموع أو سائل مخاطي شفاف. وفي بعض الحالات، قد تتطور الأعراض لتشمل تورم الجفون، زيادة في حساسية الضوء، وتشوش الرؤية المؤقت. وإذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح، خاصة إذا انتقلت العدوى إلى كلتا العينين، فقد تؤثر على قدرة الشخص على القيام بمهامه اليومية مثل القراءة أو استخدام الأجهزة الإلكترونية.

ورغم أن المرض غالبًا ما يكون ذاتيًا ومحدودًا في مدته، إذ يستمر من 5 إلى 10 أيام، إلا أن الإهمال في النظافة أو العلاج غير السليم قد يؤدي إلى مضاعفات مثل التهاب القرنية أو العدوى الثانوية البكتيرية، وهو ما يستدعي تدخلًا طبيًا فوريًا لتفادي تدهور الحالة.

هذا وتُعد الفئات التي تتعرض للزحام أو تشارك أدواتها الشخصية مع الآخرين من أكثر الفئات عرضة للإصابة بإنفلونزا العيون. ويأتي الأطفال في مقدّمة هذه الفئات نظرًا لقلة وعيهم بإجراءات النظافة، وسرعة انتقال العدوى في بيئاتهم المدرسية أو داخل دور الحضانة. كذلك، يُعتبر العاملون في القطاع الصحي، وذوو المناعة الضعيفة مثل كبار السن أو مرضى السكري، أكثر عرضة لتفاقم العدوى أو تطورها إلى مضاعفات أكثر خطورة.

ولا يمكن تجاهل مدى تأثّر مستخدمي العدسات اللاصقة بهذه الحالة، إذ يؤدي الاستخدام غير السليم للعدسات أو عدم تعقيمها بشكل دوري إلى تسهيل انتقال الفيروس إلى العين، وزيادة احتمالية التهيّج والعدوى المتكررة.

أخيراً، إنّ الوقاية من إنفلونزا العيون تبدأ دائمًا بالنظافة الشخصية، من خلال غسل اليدين بانتظام، وتجنب لمس العينين دون سبب، وعدم مشاركة أدوات النظافة أو مستحضرات التجميل مع الآخرين. كما يُنصح بعزل المريض مؤقتًا عن التجمعات لتجنّب نقل العدوى، واستخدام القطرات الملطفة التي يوصي بها الطبيب للتخفيف من الأعراض وتسريع الشفاء.

في حال استمرار الأعراض لأكثر من عشرة أيام، أو ظهور علامات عدوى شديدة مثل الألم الحاد، التورم المفرط، أو فقدان الرؤية المؤقت، يجب مراجعة طبيب العيون على الفور. فالمتابعة الطبية تُعتبر خط الدفاع الأول لتجنب أي مضاعفات قد تؤثر على صحة العينين على المدى الطويل. 

الأكثر قراءة

زمن التسويات الثقيلة: لبنان يستعد لصفقة كبرى على حافة الانهيار؟ القوات تخسر معركة المغتربين... مخاوف من تعطيل المجلس