منذ انطلاق التظاهرات الاحتجاجية عام 2019 اعتراضاً على ضريبة "الواتساب"، دخل لبنان في نفق مظلم أوصله في النهاية الى حفرة إقتصادية عميقة جداً، أدى الوقوع فيها إلى حدوث انهيار تام لمختلف الخدمات في الدولة، من صحة واتصالات وطاقة وكهرباء.
فمن ناحية الاتصالات، وبعدما كان هذا القطاع "منجم ذهب" لمداخيل الدولة التي وصلت الى حدود المليار ونصف المليار دولار، حدث الإنهيار ابتداء من العام 2019، وبات قطاع الاتصالات عاجزاً عن تأمين الخدمة كما يجب، وشهد لبنان تراجعاً في إرسال الخليوي، وتوقفاً في العديد من سنترالات الهاتف الثابت، وبالتالي خدمة الانترنت، بسبب غياب الكهرباء، وعدم توفر المازوت العالي الكلفة لتشغيل المولدات الكهربائية الاحتياطية.
وبالعودة الى البداية، نجد أن قطاع الاتصالات كان منذ فترة طويلة بحاجة إلى "نفضة" كبيرة في كافة قطاعاته، فهو منذ انطلاقته في التسعينات، عانى من ارتفاع في كلفة التشغيل، في مقابل رداءة في الخدمة، ومن عدم تطبيق القانون بحذافيره بشفافية مطلقة ومعلنة أمام المواطنين، وهذا مرده الى أن النظام في لبنان سمح للمسؤولين عن قطاع الاتصالات التصرف بحرية بالمال العام، دون رقابة فعلية من ديوان المحاسبة.
وبعد انتهاء عقد الشركتين القديمتين ليبانسيل وسيليس في عهد الوزير السابق جان لوي قرداحي عام 2002، انتقلت الخدمة الى شركتين جديدتين هما ألفا وتاتش بعد صراع مرير وأخذ ورد، خصوصاً أن هناك من كان يطرح خصخصة هذا القطاع وبيعه كلياً لمصلحة القطاع الخاص، وهو أمر قد يكون أحد أسباب انهيار الاتصالات في الماضي وفي الحاضر.
ومنذ ذلك التاريخ، دخل لبنان في عصر جديد من الاتصالات الخليوية، خصوصاً مع دخول الانترنت بقوة على الخط، وانتقاله من الشبكة الأرضية الى ارسال الخليوي، وهو ما رتب زيادة في الاستثمارات التي واصلت ارتفاعها بشكل تدريجي طوال السنوات اللاحقة.
ومع تقدم التقنيات الحديثة المعتمدة، ودخول قطاع الخليوي مجال الانترنت الفضائي، ارتفعت المداخيل، لكن هذا الأمر قابله ارتفاع أيضاً في الكلفة التشغيلية، الى أن جاءت الصدمة في العام 2019 والتي غيرت معالم هذا القطاع الذي تحول بين ليلة وضحاها من "منجم ذهب" الى عبء كبير على الدولة.
هذا من ناحية الخليوي، أما من ناحية الهاتف الثابت، وبعد مرحلة طويلة من الازدهار، وانتشاره بسرعة كبيرة في المناطق اللبنانية كافة، عانى هذا القطاع في السنوات الأخيرة من تراجع كبير في الخدمة، ويعود سبب ذلك الى ارتفاع كلفة الاستثمار وإصلاح الأعطال، خصوصاً مع الارتفاع الجنوني لسعر الدولار الأميركي الذي "أكل الأخضر واليابس" من رواتب وثمن بضاعة، ما رتب أعباء كبيرة على "أوجيرو"، التي تعتمد، كما في أغلب مؤسسات الدولة، على الدولار الأميركي لشراء احتياجاتها التقنية وغيرها، خصوصاً المحروقات من مازوت لتشغيل مولدات الكهرباء، وبنزين للسيارات. وعندما ارتفعت قيمة هاتين المادتين، وفقدتا من السوق في أحيان كثيرة، أدى ذلك الى توقف سنترالات عديدة عن العمل، كما توقفت أعمال التصليح بسبب عدم القدرة على التنقل.
القرم
وضمن هذا الإطار، وفي تصريح خاص لموقع "الديار"، كشف وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن أهم مشكلة في قطاع الاتصالات حالياً هي أن مدخول شركتي الخليوي يبلغ 70 مليون دولار، في حين أن مصروفهما 295 مليون دولار، مشيراً إلى أن لا سلفة أو أي قرض لدعم الشركتين.
وعن الحل برأيه، قال ان زيادة التعرفة جاءت بسبب غياب الدعم، وهذا الحل هو ضروري لاستمرارية القطاع ولضمان سير العمل، وهو حل دائم لأنه وضع على سعر "صيرفة" القابل للتغيير.
وعن إمكانية انشاء شركة ثالثة للخليوي، أكد القرم أن "انشاء شركة "ليبان تيليكوم" هو سوبر ضروري، والقانون 431 يفرض ذلك، وهو أقر منذ 20 سنة، لكن لم يتم تطبيقه، ومن الضروري حالياً تفعيله لأنه موجود، وأتمنى من الوزير المقبل أن يسعى الى تفعيله وتأمين التغييرات اللازمة له".
وعن خصخصة القطاع، أشار القرم الى أنه "مع خصخصته لكن بنسبة معينة، لكي نستفيد من خبرات الشركات العالمية التي ستدخل في الشراكة معنا، وبذلك يتم ضبط الهدر ما دام هناك مصلحة لطرف ثالث بذلك، وعدم ترك المجال للسياسيين لادارة المصالح الشخصية لهم في هذا القطاع، بدل إدارته بشفافية نحو الازدهار".
لا شك بأن خطوة الحكومة الأخيرة برفع تعرفة الاتصالات، كانت ضرورية لاستمرارية القطاع وعدم انهياره كلياً، لكن في مقابل ذلك، كان يجب على الدولة منح المواطنين الفقراء حلاً بديلاً، وبكلفة اقل، مثل اعتماد "التشريج" لعدة أشهر بمبلغ صغير معين، دون أي إضافة في الرصيد، وهذا يعني أنه يجب عدم مساواة الفقير الذي هو بحاجة الى هاتف خليوي لكي يتلقى عليه الاتصال فقط، بأشخاص آخرين ميسورين يعتمدون على الهاتف في كل اتصالاهم. وربما هي إحدى الأفكار التي يجب تطبيقها في لبنان لمراعاة الطبقة الفقيرة، إلا أن الواضح حالياً هو أن هذا القطاع ودع زمن الازدهار.
الكلمات الدالة
يتم قراءة الآن
-
فتنة مسيحيّة ـ شيعيّة؟
-
لقاء مفصلي بين الراعي وماكرون تحت عنوان «لا يُـمكن التغاضي عن رأي بكركي» توافق باسيل والمعارضة يتأرجح بوجود مُعترضين... وسجال ميقاتي ــ خوري أرجأ جلسة الحكومة «الدستوري» ردّ طعون التمديد للبلديّات... والجيش حرّر السعودي المخطوف
-
اتهامية بيروت أحالت على محكمة الجنايات مدرب كرة قدم... والسبب؟
-
«كوكتيل أفكار» داخل التكتل... وهذا ما أبلغه باسيل للنواب على مسمع عون بري مُحرَج ولن يدعو لجلسة... وضغوطات على أزعور للتراجع... فهل يخرج عن صمته؟ هل يكون قائد الجيش المرشح الجدي الثالث فيُشكّل «حلّ التسوية» بموافقة ورعاية إقليميّة؟
الأكثر قراءة
-
لقاء مفصلي بين الراعي وماكرون تحت عنوان «لا يُـمكن التغاضي عن رأي بكركي» توافق باسيل والمعارضة يتأرجح بوجود مُعترضين... وسجال ميقاتي ــ خوري أرجأ جلسة الحكومة «الدستوري» ردّ طعون التمديد للبلديّات... والجيش حرّر السعودي المخطوف
-
اتهامية بيروت أحالت على محكمة الجنايات مدرب كرة قدم... والسبب؟
-
«كوكتيل أفكار» داخل التكتل... وهذا ما أبلغه باسيل للنواب على مسمع عون بري مُحرَج ولن يدعو لجلسة... وضغوطات على أزعور للتراجع... فهل يخرج عن صمته؟ هل يكون قائد الجيش المرشح الجدي الثالث فيُشكّل «حلّ التسوية» بموافقة ورعاية إقليميّة؟
عاجل 24/7
-
14:08
بوصعب بعد جلسة اللجان المشتركة: توافقنا على ان يرسل كل نائب ملاحظاته على اقتراحات القوانين بشكل خطي الى امانة سر المجلس ليتم التوافق عليها ثم عقد الجلسات في اللجان لاقرارها
-
13:13
خلاف داخل جلسة اللجان النيابية المشتركة بين النائبين علي حسن خليل و ميشال معوض وقد وصل الصراخ قبل قليل إلى غرفة الصحافة (الجديد)
-
12:47
اعلن مدير عام أوجيرو عماد كريدية عبر "تويتر" عن توقف سنترال رياض الصلح لنفاذ المحروقات منه
-
11:50
في دار الفتوى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان يلتقي في هذه الأثناء وفداً من أهالي شهداء مرفأ بيروت
-
11:30
موظّفو "أوجيرو": إضراب تحذيري ليومين الأسبوع المقبل في 6 و8 حزيران كخطوة أولى واعتصام يوم غد الخميس أمام مبنى الضمان في وطى المصيطبة
-
11:07
بدء جلسة اللجان النيابية المشتركة
