اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ها هو التنين يقف عارياً (في العراء) بين الكرملين والبيت الأبيض. الأول ضاق ذرعاً بمواقف الصين الباهتة، وربما المذعورة . اقصى ما قامت به مبادرة ديبلوماسية وصفتها وكالة بلومبرغ بـ "هذيان الذباب" . بالحرف الواحد "الذباب حين يحوم حول طبق فارغ" ...

الثاني يرصد أي قنبلة يبعث بها شي جين بينغ الى فلادمير بوتين لـ "تفجير الاقتصاد الصيني" بالعقوبات التي تشير المعلومات الصحافية الى أنها جاهزة على طاولة جانيت يلين (وزيرة الخزينة)، كماعلى طاولة جو بايدن .

ماذا يعني أن تقفل الأسواق الأميركية والأوروبية، كذلك اسواق كثيرة في العالم أمام المنتجات الصينية ؟ بفظاظة كتبت "أتلانتيك" "هكذا يستعيد التنين قدميه الصغيرتين" . العنوان "حذاء ضيق للتنين" !!

بكين تلوّح بورقة تايوان بدءاً بالغارات الجوية (ماذا لو دمرت مصانع الرقائق الالكترونية ؟) ولكي تعرفوا في أي مغارة يعيشها اللبنانيون الذين يتوقعون حرباً اسرائيلية في أي لحظة (غالباً ما تقوم على تدمير المباني الآهلة بالسكان)، أنشأت الحكومة التايوانية 105000 ملجأ للحماية من الغارات (مع اسواق كاملة تحت الأرض). وهذه الملاجئ تستوعب 86 مليون شخص، أي ما يوازي ثلاثة أضعاف سكان البلاد، مع تطبيق على الهاتف يقود الشخص الى أقرب ملجأ من مكان وجوده ...

هذا يبقى مجرد اجراء وقائي . لكنها الصين بالتسونامي البشري والعسكري، دون أت تتوقع تساي اينغ ـ ون أن يبعث بايدن بأي جندي لصد الغزو . على الأقل لأن ادارته لا تستطيع أن تخوض حربين على ذلك المستوى، احداهما في الشرق الأوروبي ضد روسيا، والأخرى في الشرق الآسيوي ضد الصين .

بانوراما معقدة وخطرة . كبير المستشرقين الروس فيتالي تاعومكين يعتقد أن الحل في أوكرانيا لم يعد ممكناً بالطرق الديبلوماسية . لا بد لجين بينغ أن يقف فعلاً الى جانب بوتين، وهذا ما يحمل الأميركيين على "وقف رهانهم الجنوني على كسر روسيا".

أي خطوة في الاتجاه الخطأ يمكن أن تفضي الى "الانفجار الكبير" (Big Bang ) . باحثون في "مجلس العلاقات الخارجية" يتوجسون من أن "تقفل القيادة الصينية المحيط الهادئ في وجهنا". المسألة لا تتعلق بوضع اليابان وكوريا الجنوبية والفيلبين، بل بوضع لوس انجلس وسان فرنسيسكو وسان دييغو .

الصينيون مربكون بالرغم من ادراكهم أن الأرمادا الأميركية في الطريق اليهم . هم يتهمون أميركا بتصنيع الصراعات التي من يضمن ألا تفضي الى نهاية العالم ؟

صحيفة "غلوبال تايمز" التي تصدر في بكين، نشرت مقالة لزو فينغ (Zhu Feng )، مدير معهد العلاقات الدولية في جامعة نانكين، استعاد فيها تصريحات مسؤولين أميركيين، لدى زيارة رئيس وزراء اليابان فوميو كوشيدا لواشنطن في 11 كانون الثاني، وحيث يبدو جلياً أن أركان الدولة العميقة ـ الأمبراطورية العميقة ـ لا يخططون فقط للمواجهة مع الصين، وانما مع العالم .

في نظر كاتب المقال أن التشكيل السيكولوجي للقادة الأميركيين يفرض عليهم البقاء في حال من الصراع الأبدي مع الآخرين "هكئا يتنقلون بين الخنادق". (مرة أخرى تماماً مثل التشكيل السيكولوجي والايديولوجي للقادة الاسرائيليين).

خلاف ذلك تغدو الأمبراطورية في خطر وجودي. لا مكان لثقافة الاسترخاء في اللاوعي الأميركي . لا بد من صناعة الزلازل أو الحرائق على امتداد الكرة الأرضية. هذا المسار لم يتغير يوماً منذ اندلاع الحرب الباردة .

فينغ كتب المقالة بلغة كونفوشيوس، لا بلغة ماوتسي تونغ، داعياً الى استخلاص الأمثولة "مما فعلنه بنا جميعاً جائحة كوفيد ـ 19 حيث كان للتنسيق، بل وللتعاون الأوركسترالي، وبالرغم من المواقف الفوضوية، وحتى المواقف العبثية لدونالد ترامب، دوراً فاعلاً في احتواء كل اثر لذلك الوحش الأسطوري الذي كما لو أنه أفلت للتو من احدى الميتولوجيات القديمة"!

هذه لغة لا تدخل الى الآذان الأميركية التي لا تستسيغ عادة سوى قرع الطبول، حتى وان كان قرع الطبول على أبواب المقبرة ...

الأكثر قراءة

الليرة تنهار دون كوابح ولبنان ينافس افغانستان على المرتبة الاخيرة في «التعاسة» «مساومة» سعودية تؤجل الحل وفرصة مقيدة للمعارضة للاتفاق على مرشح رئاسي دعوة بكركي للصلاة تكتمل بموافقة الاحزاب المسيحية الرئيسية ولا تفاهمات سياسية