اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يصعّد العدو الاسرائيلي من تدخله في سوريا والاعتداءات عليها تحت عنوان "حماية الاقليات"، ويسميها قادته في المقدمة الطائفة الدرزية المتواجدة في جنوب سوريا المتاخمة لفلسطين المحتلة، والتي لها وجود تاريخي فيها كما في لبنان وسوريا والاردن، ليتوسع باتجاه الطائفة العلوية والاكراد. وهذا مخطط صهيوني يعود الى ثلاثينات القرن الماضي، عمل عليه مؤسسو الحركة الصهيونية التي كانت تخطط لاغتصاب فلسطين واقامة "دولة التلمود والتوراة" في "ارض الميعاد".

فمنذ وصول "هيئة تحرير الشام" الى السلطة في سوريا برئاسة احمد الشرع، وسّع العدو من احتلاله نحو جنوب سوريا واقترب من دمشق، بعد ان دمر الترسانة العسكرية للجيش السوري الذي حلته القيادة الجديدة، وباتت سوريا دون جيش وسلاح، مما اعطى "لاسرائيل" ورقة تفاوض عليها في مستقبل سوريا.

من هنا، فان الاحداث التي حصلت منذ 9 كانون الاول 2024 برفض فصائل مسلحة في جبل حوران ذات الغالبية الدرزية ، ومنها "المجلس العسكري" الذي ظهر مؤخرا بقيادة العقيد طارق الشوفي المنشق عن الجيش السوري السابق، والذي طرح مقولة "تسليم السلاح مقابل دولة مدنية لا مركزية"، لان ممارسات مجموعات مسلحة تجاه "الاقليات" ترك "القلق والخوف يسيطر على اطراف دينية، مما دفع العدو "الاسرائيلي" الى ان يدخل على خط "الحماية"، وهو ما فعله في لبنان بعد اندلاع الحرب الاهلية فيه، فارتبطت "احزاب مسيحية" كانت ممثلة في "الجبهة اللبنانية" بالعدو الذي يعمل على ذلك في سوريا، لا سيما مع الطائفة الدرزية التي تعاونت اطراف فيها مع الكيان الصهيوني وانخرطت في مؤسساته" ك "الكنيست" والحكومة والادارات والجيش "الاسرائيلي"، الذي يشكل الدروز فيه نسبة لا بأس بها فيه.

لذلك، فان العدو يعمل على ان ينضم الدروز في سوريا الى الدولة العبرية، وصدر عن بعض المجموعات الدرزية في محافظة السويداء الدعوة، الى ان يكون الدروز السباقين الى التجاوب مع ما اعلنه رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو، عن ان حكومته ستقوم "بحماية الدروز"، وارتفع خطابه التصعيدي والتحريضي بعد الحادثة التي حصلت في مدينة جرمانا في ريف دمشق، والتي تسكنها غالبية درزية مما زاد من تعقيد للوضع، بعد ان بدأ العدو بتسيلح جماعات مسلحة داخل الطائفة الدرزية، ويلعب رئيس الهيئة الروحية للطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة الشيخ موفق طريف دورا اساسيا في دفع دروز سوريا الى طلب الحماية، انطلاقا  من تجربة دروز فلسطين الذين اندمجوا في الدولة العبرية، وهو ينفذ مشروعا قديما كانت "اسرائيل" باشرت به ، وهو اقامة دويلات مذهبية وطائفية ومنها "دولة درزية" في جنوب سوريا تمتد الى لبنان، الذي ما زال مشروع تقسيمه من ضمن اهداف العدو.

وهذا الواقع الجديد – القديم الذي يحاول العدو تكريسه لجهة "الحماية للدروز" وتخويفهم من الطوائف الاخرى، وهو ما نفذه في كيانه الغاصب ولاقى تجاوبا من اغلبية، ورفضا من قيادات ومراجع وطنية درزية، وهو ما قام به مؤسس الحزب "التقدمي الاشتراكي" الشهيد كمال جنبلاط، الذي تصدى لمشروع "الدولة الدرزية" منذ خمسينات القرن الماضي، ويتابع نجله وليد الرئيس السابق للحزب ما بدأه والده، فرفض اثناء الغزو الصهيوني للبنان صيف 1982 الخضوع لشروط الاحتلال ، وقبول تداعياته السياسية في اقامة سلطة حليفة له في لبنان، فساهم في اسقاط اتفاق 17 ايار ، وهو على هذا الخط يكمل المسيرة برفض مشروع ما يسمى "الدولة الدرزية" او طلب "الحماية الاسرائيلية" للدروز. فاصطدم جنبلاط بالشيخ طريف وتبادل معه الاتهامات، التي وصلت الى قول جنبلاط بان طريف لا يمثل الدروز كما يدعي في الشرق الاوسط ، وهو لا يؤثر على دروز فلسطين الذين يتواصل معهم جنبلاط منذ نحو ربع قرن، والتقى بوفود منهم يحثهم على رفض الخدمة الالزامية في الجيش "الاسرائيلي" او القيام بمواجهة ضد المقاومة في فلسطين.

هذا الموقف لجنبلاط فضح المشروع "الاسرائيلي"، ونبه القيادة الجديدة في سوريا منه، وطلب منها ان تعمل لوحدة سوريا، التي يخشى جنبلاط من تقسيمها بذريعة "حماية الاقليات" والدروز منهم،ـ وهو قلق من ان ينجح المشروع في سوريا ويتمدد الى لبنان ودول اخرى، اذا لم تنجح السلطة السورية الجديدة في نزع الخوف عند الاقليات، التي لا ترى في سوريا امنا مركزيا ولا اطمئنانا، بعد سلسلة احداث تعرضت لها طوائف بعينها، وفق ما يصل من تقارير حول ما يجري في سوريا لا سيما في ساحلها كما في حماه وحمص ودمشق وحلب.

والطائفة الدرزية لن تنحو باتجاه "الحماية الاسرائيلية"، وان مشروع زعماءها في لبنان وسوريا هو الانتماء العربي ورفض "الدولة الدرزية"، ومساندة قضية فلسطين وكل مقاومة لتحرير ارض محتلة ،فالتقى في لبنان دروزه بكل مكوناتهم السياسية والحزبية ومراجعهم الروحية، على ان لا يكونوا في غير موقعهم الوطني والقومي التاريخي، والذي توارثوه في طائفتهم عمن خاضوا منذ قرون المقاومة ضد حملات "الفرنجة" والعثمانيين والفرنسيين و"الاسرائيليين".

ويتقدم جنبلاط الاب ومعه الحزب "التقدمي الاشتراكي" برئاسة تيمور جنبلاط صفوف رفض الاملاءات "الاسرائيلية"، وعقد لهذه الغاية لقاءات مع رئيس الحزب "الديموقراطي اللبناني" طلال ارسلان، وحضر اجتماعا للمجلس المذهبي الدرزي، حيث شكلت لقاءاته كما اتصالاته فرزا لمن هو مع العدو الاسرائيلي ومشروعه، ومن هو ضده، فلم يوفر الدول العربية لا سيما الفاعلة منها من ان يكون هذا الموضوع الخطير والوجودي على جدول اعمالها ومنها القمة العربية التي تعقد في القاهرة،  بعد ان انكشف ما يريده الرئيس الاميركي دونالد ترامب وحليفه نتانياهو من الشرق الاوسط ، الذي تكون "اسرائيل" الدولة الاقوى، والتي ستقوده بعد ان تقسّم الدول وتتم تصفية القضية الفلسطينية، التي تبدأ في غزة الى الضفة الغربية بترحيل اهاليهما.

 

الأكثر قراءة

لبنان مع العرب في مواجهة «الخطط الترامبية»... «بيك المختارة» متخوف من فتنة داخل «البيت الدرزي»: حذارِ اللعب حاكمية مصرف لبنان: سعيد مقابل أزعور وأموال المودعين الحكم