اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تنتشر مصطلحات في لبنان كمثل عودته الى "الحضن العربي"، دون تحديد لمعانيها، وهو خلاف لبناني حول انتماء لبنان الى العروبة، منذ انشائه من قبل الانتداب الفرنسي في اول ايلول 1920، وسمي "بدولة لبنان الكبير"، فظهر تباين حول هوية لبنان، هل هو عربي أم لبناني فقط بتوجه نحو الغرب؟ الى ان حُسم الموضوع في ما سمي "صيغة العيش المشترك" او "الميثاق الوطني"، فكان استقلال لبنان بتسوية مارونية ـ سنية توصّل اليها الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح بدعم بريطاني، ضد النفوذ الفرنسي في لبنان.

فالهوية في لبنان كانت موضوع خلاف حول مفهومها، وانقسم اللبنانيون عليها، فمنهم من انحاز الى "الثورة الناصرية" التي قادها الرئيس جمال عبد الناصر، ومنهم من شارك في "حلف بغداد" الذي كان مشروعاً اميركياً للمنطقة، فالتزم به رئيس الجمهورية كميل شمعون في عهده، وتسبب الانقسام اللبناني حول "الحضن العربي"، وادى ذلك الى احداث دموية في العام 1958.

هذا "الحضن العربي" يستخدم في الصراعات الداخلية، ليتبين ان من رفع هذا الشعار، يقف ضد مشروع آخر فترفع العروبة بوجه ايران، وهذا ما حصل وما زال لان العرب الذين تجمعهم "جامعة الدول العربية" انقسموا بين "حضنين". عندما وقع الرئيس المصري انور السادات "اتفاق كامب دايفيد" مع العدو "الاسرائيلي" عام 1978 وطُردت مصر من الجامعة العربية التي نقلت مقرها الى تونس، وظهرت "جبهة الصمود والتصدي"، وكان لبنان يعيش حرباً اهلية واحتلالا "اسرائيلياً" لاجزاء من جنوبه، وتعاون فريق سياسي مثلته "الجبهة اللبنانية" مع الكيان الصهيوني الذي اجتاح لبنان صيف 1982، ليوقع معه "معاهدة صلح وسلام"، فارتمى جزء من لبنان بـ "الحصن الاسرائيلي"، وقامت المقاومة الوطنية ضده، واسقطت اتفاق 17 ايار.

ولكن "جبهة الصمود والتصدي" بدأت تنهار امام "زحفطة" انظمة عربية للصلح والتطبيع مع العدو "الاسرائيلي"، فكسرت "منظمة التحرير الفلسطينية" برئاسة ياسر عرفات ظهر قضية فلسطين، بالقبول "باتفاق اوسلو" الذي وقعه عرفات مع رئيس حكومة العدو اسحق رابين، ليتخلى عن "الدولة ا لفلسطينية" من البحر الى النهر، واكتفى بسلطة على اجزاء من الضفة الغربية وغزة، مما فتح الطريق لدول عربية ان تلحق بعملية "السلام"، التي افتتحت في مؤتمر مدريد عام 1991، ثم في "اتفاق ابراهام"، وبات العربي دون حضن، وهويته "شرق اوسطية" في جغرافيا رسم خارطتها العدو الصهيوني، وانظمة عربية مرتهنة للعدو "الاسرائيلي"، وسبب ذلك الهزائم التي لحقت بها من خلال حروب صورية، خاضتها بجيوش غير مجهزة.

فالعالم العربي تشرذم وانقسم، ولم تعد فلسطين قضية العرب المركزية، التي تتم تصفيتها بتدمير غزة وتهجير اهلها، في وقت يتم فيه تدمير مخيمات ومدن في الضفة الغربية وتهجير السكان، لتعود الى "اليهود" وفيها يحيون "مملكة يهوذا"، حيث حاولت القمة العربية التي عقدت في القاهرة، ان تعيد احياء القضية الفلسطينية، برفض مشروع الرئيس الاميركي دونالد ترامب بافراغ غزة من سكانها، لتكون عقاراً يقيم فيه ما سماها "ريفييرا الشرق الاوسط".
وما جرى في قمة القاهرة، كان قاصراً عن تحديد اسباب الصراع مع العدو الصهيوني، الذي اسقط شعار "الارض مقابل السلام" الذي رُفع في مؤتمر مدريد، ولا يعترف رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الا "بارض اسرائيل" التي هي "ارض الميعاد"، واصدر "الكنيست" الصهيوني قانونا حول "يهودية الدولة"، واسقط وجود فلسطين او قيام دولة لها، من خلال قانون يقول بدولة واحدة لا دولتين، في وقت ما زال في الدول العربية من يرفع شعار "حل الدولتين" وفق مبادرة الملك عبدالله للسلام، التي اعلنها واطلقها من قمة بيروت قبل ربع قرن، ولم يتجاوب معها قادة العدو، وتحديداً المتطرفون الدينيون منهم، فلم تعدّل الانظمة العربية من خطتها نحو السلام الذي يرفضه العدو، الذي يرى رئيس حكومته انه حقق انتصارات في غزة ولبنان وبالقضاء على المقاومة فيهما، وهو يستكمل مشروعه في الضفة الغربية، ونجح في تدمير السلاح في سوريا بعد سقوط نظامها، كما ان ايران ليست بعيدة عن الهدف "الاسرائيلي" بتدمير مشروعها النووي، وانهاء قوتها العسكرية وتبديد اذرعتها وانهائها.

فغالبية الانظمة العربية باتت مطبعة، وسيلتحق لبنان وسوريا بها، وهو مطلب اميركي ـ "اسرائيلي"، وسيتم استثمار ما تعلنه واشنطن و"تل ابيب" عن هزيمة لحقت بحزب الله وسقوط النظام السوري، فلا بد للدولتين ان توقعا صلحاً وسلاماً مع الكيان الصهيوني، فيكون "الحضن العربي" للبنان، هو مع انظمة اختارت السلام وتخلت عن الحرب، وهذا ما تريده اطراف رسمية وسياسية في لبنان، ان تمتلك الدولة قرار السلم لا الحرب.

الأكثر قراءة

مذبحة العلويين في سورية مذبحة الشيعة في لبنان؟؟