اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ساد في الساعات القليلة الماضية، انطباع عام لدى خصوم حزب الله في الداخل، بوجود "ريمونتادا" سياسية على الساحة اللبنانية من قبل حزب الله وطهران، ما استدعى استنفارا سياسيا واعلاميا لمحاولة تطويق مفاعيل هذه العودة، خصوصا ان "الانزال" الديبلوماسي لوزير الخارجية الايراني عباس عرقجي، تزامن مع عملية تطهير لانصار "اسرائيل" في الادارة الاميركية، شملت مسؤولة الملف اللبناني مورغان اورتاغوس، ما جدد المخاوف لديهم، مما يعتبرونه ضياع فرصة تطويق الحزب وحشره في الزاوية، بعدما حاولوا جعل ملف السلاح اولوية. فهل هذا القلق مبرر؟ وهل من جديد؟

هذه التطورات الاقليمية الدولية لم تكن وحدها مصدر اثارة الهواجس لدى الفريق المناهض لحزب الله، فثمة عاملان داخليان لم تنظر اليهما تلك القوى بعين الارتياح، بل اثارا الريبة لديهم وخصوصا في "معراب". وبحسب مصادر مطلعة، فان الاعلان عن تعيين وزير الاشغال السابق علي حمية مستشارا للرئيس جوزاف عون لشؤون اعادة الاعمار، كان كـ "القشة" التي قصمت ظهر "البعير" بالنسبة لهؤلاء، باعتبارها تعزز المؤشرات المقلقة لديهم من تناغم غير مبرر برأيهم بين الرئاسة الاولى وحزب الله وتكريس لتفاهمات، قد يكون هذا التعيين اول "الغيث".

المسألة الثانية ترتبط بالهجوم السياسي الذي شنه "الثنائي" على رئيس الحكومة نواف سلام، الذي دفعه الى الانتقال من الهجوم الى الدفاع، فزار "عين التينة" مبررا مواقفه، ومحاولا تصحيحها، بدل الاستمرار في رفع "السقوف" السياسية. وبدل ان تتحول البرودة الى صقيع بين الطرفين، عاد الود والتفاهم بعد اللقاء الايجابي بين وفد "كتلة الوفاء للمقاومة" مع رئيس الحكومة بالامس، حيث تفيد المعلومات بان الزيارة بددت الكثير من سوء الفهم بين الطرفين، واعادت العلاقة الى السكة الصحيحة، حيث يمكن الحديث عن "خارطة طريق" عنوانها الرئيسي الفصل بين ملف السلاح، الذي سيكون حصرا بين الحزب ورئيس الجمهورية، بموافقة ضمنية من سلام، فيما سيكون الحزب متعاونا في ملف الاصلاحات، على ان يبادر رئيس الحكومة بخطوات جدية في ملف اعادة الاعمار، بعدما اقر بعدم ربطه بملف السلاح.

في هذا الوقت، يشكل الغموض الذي يحيط باقالة اورتاغوس مصدر ازعاج جدي لدى خصوم حزب الله، في غياب اي مؤشرات جدية حول طبيعة الاستراتيجية الاميركية المرتقبة حيال لبنان، وكل الكلام على تغيير شكلي يرتبط بسقطاتها الشخصية، جزء من محاولة تخفيف وقع غيابها، بعدما شكلت رأس حربة في مواجهة الحزب. ولا يقين حتى الآن كيفية مقاربة خليفتها للملف، خصوصا ان سلوك الادارة الاميركية في سورية يحتاج الى الكثير من التأمل، بعدما منحت الحكومة السورية "الضوء الاخضر" لضم المقاتلين الاجانب الى الجيش السوري، وهو امر يذكر بانعطافات سابقة لواشنطن التي سلمت افغانستان لحركة "طالبان". وهنا يكمن القلق الجدي في احتمال ان تكون الادارة الاميركية اكثر ليونة في المستقبل في معالجة ملف سلاح حزب الله!

في المقابل، جاءت زيارة وزير الخارجية الايرانية عباس عراقجي لبيروت، تحت عنوان "فتح صفحة جديدة مبنية على احترام السيادة وعدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية"، مثار تساؤل جدي في اوساط خصوم الحزب، خصوصا ان كل المعطيات والمعلومات تفيد ان مسألة تسليم حزب الله للسلاح وحصره بيد الدولة، لم يكن على جدول الاعمال بين الوزير الايراني والمسؤولين اللبنانيين، بل كان الكلام في العموميات، بينما لم يحد الزائر الايراني عن لازمة زيارته الامين العام لحزب الله عند كل زيارة الى بيروت، وكان الجديد هذه المرة زيارة ضريح الشهيد السيد حسن نصرالله، وكلها مؤشرات على وجود ثقة ايرانية بدورها الاقليمي، دون ان تكون معنية عن التخلي عن اي من ثوابتها.

اما من اين تأتي الثقة الايرانية، التي توجها قائد الثورة السيد علي خامنئي بالامس برفض الشروط الاميركية حول منع ايران من التخصيب على اراضيها؟ تجيب تلك الاوساط انه بمجرد الاطلاع على تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية حول إيران الذي نشر في نهاية الأسبوع الماضي، يمكن الاكتشاف بوضوح ان طهران في موقع قوي في التفاوض، لانها وصلت إلى مكانة قريبة جدا من ترسانة السلاح النووي، الذي لا تريد تصنيعه، لكن لم يمنع ذلك صحيفة "هارتس" من القول "انه في حين أن "إسرائيل" غارقة في وحل غزة، تعرض وبدقة هندسية إنجاز إيران وتضع إعلانات نتنياهو حول النصر على المحور الذي تقوده طهران موضع شك". فالمخزون الموجود لدى إيران يكفي لإنتاج 10 رؤوس حربية نووية، واذا كانت الوكالة الدولية للطاقة النووية لم تجد أي دلائل على مشروع نشيط لتركيب رؤوس حربية نووية. وتقدر المخابرات الأميركية بأنه لا يوجد مثل هذا التطوير، لكن مراكمة المادة المتفجرة هي المرحلة الأكثر حسمًا في الطريق إلى السلاح النووي؟!

الآن، وصلت "اسرائيل" وايران إلى الامتحان الحقيقي، الذي سيحدد نتيجة الحرب وميزان القوة في الشرق الأوسط. إيران تقدر بأن "إسرائيل" غير قادرة على تدمير مشروعها النووي، سواء بسبب نقص السلاح المناسب أو بسبب معارضة ترامب الذي يخشى من التورط العسكري، مهما كانت نتيجة المفاوضات. وبانتظار ان تتضح معالم "الخيط الابيض من الخيط الاسود"، سواء اندلعت حرب او تم التوصل الى اتفاق نووي، ثمة حالة من الحذر والقلق المبرر لدى خصوم حزب الله، لانهم يشعرون ان الوقت لا يعمل لمصلحتهم، ويخشون من تراجع الاهتمام الاميركي بالملف اللبناني، فيما يحاول "الثنائي" الاستفادة من الوضع الاقليمي والدولي، ومن زخم نتائج الانتخابات البلدية التي اثبتت انه رقم صعب في الداخل، لفرض وقائع داخلية. ومجرد دخول وفد "كتلة الوفاء للمقاومة" مبتسما الى السراي بالامس والخروج مبتسما، مؤشر ينذر بالسوء لخصومه.

.

 

الأكثر قراءة

القصة الكاملة لملف فادي صقر... أحد أكثر الأسماء إثارة للجدل في سوريا