في قلب اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين المنعقد في لوكسمبورغ، خرج وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو عن مألوف الخطاب الديبلوماسي، ليعلن صراحة: "إذا لم نستعد السيطرة على الهجرة، فإن شعوبنا ستستبدلنا بأحزاب شعبوية".
كلمات اختصرت ملامح توجه جديد وأكثر صرامة تسعى باريس لفرضه على السياسات الأوروبية للهجرة والعودة، رافضة بشكل خاص مبدأ "المغادرة الطوعية" الذي تعتبره غير مجدٍ في مواجهة الهجرة غير النظامية المتزايدة، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.
من جانبه، قال الدكتور جان-باسكال ديفاج، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) والمتخصص في سياسات الهجرة الأوروبية، لـ"إرم نيوز" إن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي "تندرج ضمن إستراتيجية موجهة بالدرجة الأولى للرأي العام الفرنسي، أكثر منها لمخاطبة شركاء باريس الأوروبيين".
وأضاف ديفاج أن " يعي تمامًا أن أي تعديل جوهري على لائحة العودة الأوروبية يتطلب توافقًا صعبًا بين الدول الأعضاء، لذا فإن تشدده اللفظي يهدف لطمأنة الجمهور الفرنسي الذي بات يميل بشكل متزايد نحو خطاب اليمين المتطرف. وهو يستبق المعركة الانتخابية القادمة بمحاولة استعادة زمام المبادرة في ملف تعتبره شريحة كبيرة من الناخبين سببًا رئيسيًا للتصويت العقابي ضد الحكومة".
وتابع: "من الناحية القانونية، من الصعب للغاية تطبيق ما يقترحه ريتايو، لا سيما في ما يخص تفتيش الهواتف أو إلغاء مبدأ المغادرة الطوعية؛ لأن ذلك يتطلب تعديلات جوهرية على منظومة الحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي. لذا فإن معظم مقترحاته، وإن كانت مثيرة للجدل، تبقى رمزية أكثر منها قابلة للتنفيذ في الوقت الراهن".
لائحة العودة
في صلب اعتراض الوزير الفرنسي على مشروع "لائحة العودة" التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، يكمن رفض واضح لفكرة منح المهاجرين غير النظاميين مهلة طوعية لمغادرة الأراضي الأوروبية.
وقال ريتايو بوضوح: "اليوم، نمنح المتسللين مهلة للمغادرة طوعًا. ما الذي يفعلونه؟ يختفون ببساطة في الطبيعة. يجب أن نقلب المنطق: لا مغادرة طوعية كقاعدة، بل استثناء في 20% من الحالات فقط".
ويرى أن هذا التغيير سيحوّل عبء الإثبات من الدولة إلى المهاجر نفسه، ويمنح السلطات قدرة أكبر على فرض قرارات الإبعاد الفوري.
اختلالات كبيرة
وضمن نفس الرؤية المتشددة، يرفض ريتايو أيضًا مبدأ "الاعتراف المتبادل" بقرارات الترحيل بين الدول الأوروبية. ففي الاقتراح الجديد، من المفترض أن يكون أي قرار طرد صادر من دولة عضو صالحًا في بقية الدول تلقائيًا. لكن الوزير الفرنسي يرى في ذلك خطرًا إداريًا، محذرًا من "اختلالات كبيرة".
وأشارت محلة "لوبوان" الفرنسية إلى أنه وفق فلسفة ريتايو: "من يتخذ القرار هو من يجب أن ينفذه"، في إشارة إلى ضرورة الاحتفاظ بالسيادة الوطنية الكاملة في تنفيذ قرارات الترحيل.
ووسع الوزير الفرنسي نطاق تحذيراته ليشمل تحديات أمنية تتجاوز ملف الهجرة، وحذر من انتشار تهريب الكوكايين في أوروبا، واصفًا الظاهرة بأنها "تسونامي أبيض" يهدد ليس فقط الصحة العامة، بل الديمقراطيات والمؤسسات الأوروبية عبر شبكة فساد عابرة للحدود.
كما لم يُخفِ ريتايو انتقاداته العلنية للاتحاد الأوروبي بخصوص تمويل منظمات قريبة من الإخوان المسلمين، معتبرًا أن هذا التوجه يُمثل تهديدًا لـ"التماسك الوطني والقيم الجمهورية"، وأكد أن تقارير الأجهزة الفرنسية تُظهر بوضوح خطر الأيديولوجيا الإسلاموية على استقرار أوروبا.
تحركات برونو ريتايو تعكس تغيرًا واضحًا في المزاج السياسي الفرنسي إزاء ملف الهجرة، في ظل تنامي الضغوط الداخلية وتهديد صعود التيارات اليمينية المتطرفة.
يتم قراءة الآن
-
بارّاك يعلن سياسة «العصا والجزرة» لإخضاع لبنان لخطة واشنطن توافق بين عون وبري على الرد اللبناني... وسلام اكثر تشدداً!
-
مقاتلو الإيغور على حدود لبنان:ما وراء الحشود السورية الغامضة؟
-
أسئلة لبنانية على الورقة الأميركية: من يضمن الإسرائيلي؟ تخوّف من إقدام نتنياهو على عملية كبيرة في لبنان ما سر صمت السفراء على المداولات بشأن القانون الانتخابي؟
-
الوقت يضيق على لبنان للردّ على الورقة الأميركيّة... وحزب الله على موقفه بارّاك وبن فرحان في بيروت للمتابعة ووضع آليّة التنفيذ
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
07:50
وسائل إعلام إسرائيلية تنقل عن مصادر تأكيدها تسلم "تل أبيب" رد حركة حماس والبدء بدراسته
-
07:48
ترامب: إيران لا توافق على التفتيش ولا على التخلي عن التخصيب
-
07:47
ترامب: يتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة، سنرسل الكثير من المال والكثير
-
07:47
ترامب معلقاً على رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار: هذا جيد لكنني لم أتلق إفادة بهذا الشأن حتى الآن
-
07:47
ترامب: برنامج إيران النووي تعرض لانتكاسة دائمة لكنهم ربما يستأنفون العمل في موقع مختلف
-
07:46
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعرب عن استيائه بعد مكالمة هاتفية مع بوتين بشأن أوكرانيا
